وجود السبب الشرعي يكون المرجع أصالة عدم التذكية ، وإن كان من جهة وجود القابلية التي من وظائف الشارع بيانها ، فالتمسك بعموم الصحيح ونحوه لإثباتها في محله. نعم يختص الصحيح ونحوه بالحيوانات ذوات الجلود ، فيبقى غيرها على مقتضى الأصل.
نعم يمكن أن يقال : إن الذكاة من المفاهيم العرفية ، وهي في الحيوان من الأفعال التوليدية التي لها أسباب خاصة عندهم ، فإطلاق أدلة أحكام التذكية من الطهارة وحل الأكل وجواز الانتفاع وغيرها ينزل ـ بمقتضى الإطلاق المقامي ـ على ما هو عند العرف. فإذا دلّ دليل على قيد اخذ به ، ومع الشك فيه يرجع إلى ما عند العرف ، عملا بالإطلاق المقامي ، وعلى هذا ما يكون قابلا عند العرف للتذكية محكوم بذلك شرعا ، وما علم بعدم قابليته لها عندهم ، أو شك فيها ، يرجع فيه إلى أصالة عدم التذكية. وهذا نظير ما يقال في مثل : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) ونحوه من أدلة العقود والإيقاعات ، من وجوب الحمل على المفاهيم العرفية وأسبابها وشرائطها ـ ومنها قابلية المحل ـ فيكون تطبيق العرف حجة ما لم يرد عنه رادع.
ويشير إلى ما ذكرنا خبر علي بن أبي حمزة (٢) قال : «سألت أبا عبد الله وأبا الحسن عليهماالسلام عن لبس الفراء والصلاة فيها فقال : لا تصلّ فيها إلّا فيما كان منه ذكيا. قال : قلت : أوليس الذكيّ ما ذكّي بالحديد؟ قال : بلى ، إذا كان مما يؤكل
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) هذا الخبر ضعيف سندا.