(الثالث): امتناع التفكيك بين الموارد التي تكون الحرمة فيها مدلولا للكلام ـ ولو التزاميا ـ ولو باللزوم غير البين (١) وبين غيرها من الموارد مما هو نادر إما لعدم القول بالفصل ، أو لإلغاء الخصوصية عرفا.
ويعضد العموم المذكور الإجماع المدعى ممن عرفت على عموم الحجية ولا ينافيه الخلاف في بعض الموارد ، لأنه لشبهة ، كما يظهر ذلك من استدلال المخالف في المقام : بأن البينة ليست من العلم الذي جعل غاية للحل في قولهم عليهالسلام : «الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر» (٢) ونحوه. وكذا المخالف في حجية البينة في الاجتهاد استدل : بأن الاجتهاد من الأمور الحدسية التي لا تكون
__________________
(١) اللازم إما بيّن وإما غير بيّن ، والبيّن له معنيان ، أحدهما اللازم الذي يلزم تصوره من تصور الملزوم كلزوم تصور البصر من تصور العمى ، وهذا هو البيّن بالمعنى الأخص ، فغير البيّن هو اللازم الذي لا يلزم تصوره عن تصور الملزوم كالكاتب بالقوة للإنسان. وثانيهما هو اللازم الذي يلزم عن تصوره مع تصور الملزوم وتصور النسبة بينهما الجزم باللزوم كزوجية الأربعة ، فإن العقل بعد تصور الأربعة والزوجية ونسبة الزوجية إليها يحكم بلزوم الزوجية لها وهذا هو البيّن بالمعنى الأعم وحينئذ فغير البيّن هو اللازم الذي لا يلزم من تصوره مع تصور الملزوم والنسبة بينهما الجزم باللزوم كالحدوث للعالم ، كما صرح به بعض علماء الميزان ومراد سيدنا الأستاذ الماتن قدسسره باللزوم غير البيّن هو المعنى الأوّل من غير البيّن ، والثابت عنده وعند سائر الأعلام الاعتماد على الظهورات اللفظية فحسب.
(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب الماء المطلق حديث : ٥.