من جهة العجز ، فيكون ملاك التام ثابتا في حال العجز ثبوته في حال الاختيار (١) ، غاية الأمر أنه يعذر المكلف في تركه للعجز ومقتضى ذلك عدم رافعية الناقص ، وإلّا لم يتعين التام للرافعية ، مع أنه خلاف إطلاق الأدلة الأوّلية. عليه فلا بدّ إما من الالتزام بكون الناقص مبيحا محضا ، أو بان له رافعية ناقصة. وإن كان الأظهر الثاني ، فإن الجمع العرفي بين الأدلة يقضي بأن الأبدال الاضطرارية قائمة مقام التام المبدل منه في ترتب الأثر بنحو غير تام ، فأثرها من سنخ أثر المبدل منه ، لكنه من بعض مراتبه. ولا فرق بين أن يكون البدل من سنخ المبدل ، كالوضوء الناقص ، والصلاة جالسا ، أو من غير سنخه ، كالتيمم ، وعدم الرفع فيه ـ إن تم ـ فهو للدليل الخاص. مع أنه غير تام ، كما يأتي إن شاء الله في محله.
وما ذكرنا مطرد في جميع الأبدال الثابتة في حال العذر عن الواقع الأوّلي ، فإنها يترتب عليها أثر المبدل منه ـ في الجملة ـ ولا يترتب عليها تمام الأثر ، وإلّا كانت في عرض المبدل منه ، وهو خلاف اطلاق أدلته الذي عرفت أن مقتضى الجمع بينه وبين دليل مشروعية الناقص مجرد البدلية بلا تقييد للإطلاق المذكور. وقد أشرنا إلى ذلك في حكم الوضوء من الإناء المغصوب. ومنه يظهر أنه لا يجوز للمكلف إيقاع نفسه في العذر ، لأنه تفويت للواقع الأوّلي ، إلّا أن يقوم دليل على جوازه. فتأمل جيدا (المستمسك ج ٢ / ٥٥٣ و ٥٥٤). وراجع الجواهر ج ٥ / ٢٥٢.
__________________
(١) فإن قلت : ادّعاء بقاء الملاك في فرض العجز بعد سقوط الخطاب محتاج إلى علم الغيب؟ قلت : دليل سيّدنا الماتن أنه مقتضى الجمع العرفي بين دليل وجوب التام ودليل وجوب الناقص.