اقتطعت له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له به قطعة من النار» (١). فإذا حكم الحاكم للمدعي بالبينة أو اليمين المردودة لم يجز له أن يأخذ المال من المدعي عليه إذا كان يعلم ببطلان دعواه. وحكم الحاكم لا يسوغ له أكل مال الغير بغير رضا منه.
وإن شئت قلت : حكم الحاكم تارة : يكون اقتضائيا ، واخرى : لا يكون اقتضائيا ، وكذلك الحكم الواقعي يكون اقتضائيا تارة ، واخرى لا يكون اقتضائيا. فإن كان الحكم الواقعي اقتضائيا وحكم الحاكم لا اقتضائيا وجب العمل على الحكم الواقعي ، لأن العمل عليه لا يكون ردا لحكم الحاكم كما في المثال المذكور ، فإن ترك أخذ المال من المدعي عليه ظلما لا يكون ردا لحكم الحاكم لجواز الأخذ. وإذا كان الأمر بالعكس ـ بأن كان الحكم الواقعي لا اقتضائيا وحكم الحاكم اقتضائيا ـ وجب الحكم بحكم الحاكم من دون مزاحم ، كما في المثال المذكور بالنسبة إلى الحكومة عليه ، فإنه يجب عليه بمقتضى حكم الحاكم دفع المال إلى المدعي ، ولا يحرم عليه ذلك بمقتضى الحكم الواقعي فيجب العمل بمقتضى حكم الحاكم ، لأن ترك العمل به رد لحكم الحاكم وهو حرام.
وإذا كانا ـ معا ـ اقتضائيين وجب العمل بمقتضى حكم الحاكم بمقدار المزاحمة ، لئلّا يلزم رده ، ويجب العمل بالحكم الواقعي فيما زاد على مقدار المزاحمة ، كما إذا ادّعى رجل زوجية امرأة ظلما ، فحكم الحاكم له فوجب عليها
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى حديث : ١.