إنشاءات بحتة ليس فيها حكاية ولا دلالة تصديقية ، ولا تتصف بصدق ولا كذب ، فإذا رجع الباذل عن بذله لم ينكشف من الرجوع خلاف ما دل عليه إنشاء الوعد (١).
نعم إذا ظهر من قوله أو فعله أنه لا يخلف في وعده ولا يرجع عنه كان ذلك تغريرا للمبذول له وإيقاعا له في الغرور فالتغرير إنما يكون بذلك القول أو الفعل لا بنفس الوعد. وعليه إذا بني على عموم القاعدة ، ولزوم العمل بها فاللازم التفصيل بين أن يكون اعتماد المبذول له على مجرد الوعد ، وبين أن يكون اعتماده على قوله أو فعله الدال على بقائه على وعده. ففي الأوّل لا مجال لرجوعه عليه. وفي الثاني يرجع عليه ، لحصول التغرير منه في الثاني دون الأوّل. وأما العمل بعموم القاعدة حتى في المقام فلا بأس به ، لعموم دليلها.
نعم قد يشكل صدق التغرير إذا لم يكن الغار قاصدا للإيهام. بل الظاهر اختصاص الخديعة بذلك ، ففي هذه الصورة يضمن الغار ، ولا يبعد أن يكون بناء العقلاء والمتشرعة على الضمان ومؤاخذتهم الغار بتغريره.
أما إذا لم يكن قاصدا للإيهام وإيقاع المغرور في خلاف الواقع ، ففي البناء على الضمان إشكال ، لعدم وضوح الدليل فيه. وعدم ثبوت بناء العقلاء والمتشرعة عليه ، وإن كان ظاهر الأصحاب في مبحث الفضولي ـ فيما لو رجع المالك على المشتري ـ عموم الحكم لصورة علم الغار وجهله. وإن كان بناؤهم على ذلك لا
__________________
(١) إلّا أن يقال أن الإيقاع وإن كان كذلك لكنه مصداق للإغراء عرفا.