نعم لو كان ذلك ـ أعني الوقوع في المعصية ـ نادرا لقلة الابتلاء ، أو لقصور الفاعل عن الفعل الحرام ، أو لضعف الشهوة المزاحمة ـ لمرض أو هرم أو تشويش بال أو نحو ذلك ـ كفى ذلك في صدق الستر ونحوه عرفا (١) وتحققت العدالة ، وجاز ترتيب أحكامها ، كما يوجد في كثير من النساء والفقراء ، فان سترهم وعفافهم لا يكون لقوة الملكة الباعثة على التقوى ، بل لفقد المزاحم. ومن ذلك تعرف أن العدالة في الملوك ونحوهم من أهل الحول والطول إنما تكون ـ غالبا ـ لقوة الحال الباعثة ، وفي غيرهم من الضعفاء قد تكون لذلك ، وقد تكون لعدم المزاحم للحال الباعثة على التقوى مع كونها ضعيفة جدا.
والمتحصل مما ذكرنا امور :
الأوّل : اعتبار الملكة في العدالة.
الثاني : عدم اعتبار كونها بمرتبة لا يغلبها المزاحم بنحو يستوجب العصمة.
الثالث : أنه لا يكفي أدنى مراتبها اذا كان بنحو لا يصدق الستر والصلاح.
الرابع : أن من لوازم الملكة المذكورة حصول الندم بعد فعل المعصية والالتفات إلى ذلك ، وان كانت الملكة بمرتبة دانية ضعيفة جدا ، فاذا لم يحصل الندم بعد الالتفات إلى فعل المعصية كشف ذلك عن عدم الملكة كما يتفق ذلك نادرا من بعض الفساق المتمردين.
__________________
(١) وان فرض انه ينافي اعتبار الملكة ، نقول لا بأس به فان المدار على ما يفهم من الروايات المعتبرة.