أعني : إنشاء ملكية أن يخيط ثوبه ، ومقتضى ذلك أن يكون معنى قول الناذر : «لله عليّ أن أتصدق بمالي على الفقراء» إنشاء الملكية لله سبحانه لأن يتصدق به.
ولأجل أن التصدق المملوك موضوعه المال يكون المال موضوع حق لله سبحانه ، إذ لا نعني بكون الشيء موضوع حق إلّا كونه موضوع فعل مملوك لذي الحق. وأما دعوى ثبوت حق للفقراء في العين فشيء لا مأخذ له واضح. ومجرد وجوب الصدقة عليهم لا يستتبع حقا لهم ولا يتفرع عليه. وقياس المقام بباب الواجبات المالية ـ مثل وجوب إيتاء الزكاة لأهلها ، ووجوب إيصال الخمس لمستحقه ، ووجوب الكفارة عند أسبابها ـ حيث دل الخطاب بالالتزام على ثبوت ملكية الفقراء أو السادات للأمور المذكورة في محله ، إذ استفادة ذلك لم يكن من محض الخطاب بالدفع ، وإنما كان من قرائن متصلة أو منفصلة. وكيف تصح دعوى ثبوت حق للفقراء في المال إذا نذر التصدق به عليهم مع أن ذلك أمر لم يجعله الناذر على نفسه ، ودليل الوجوب ليس إلّا وجوب الوفاء بالنذر ، وهو لا يقتضي أكثر مما يقتضيه النذر؟ بل ذلك مخالفة للنذر ، لأن المنذور هو التصدق بمعنى التمليك على وجه القربة ، وهو إنما جعل بالنذر لله سبحانه ولم يجعل للفقراء ، فلو استحق الفقراء هذا التمليك بنفس النذر لزم وقوع ما لم ينذر. وبالجملة ، فالقول الثاني ضعيف. (وفيه نظر).
وأما القول الثالث فهو مبني على كون الظرف لغوا واللام لام التعدية لا لام الملك ويكون الظرف مستقرا ، ومعنى قول الناذر : «لله علي أن أتصدق» : «التزمت لله تعالى علي» فاللام متعلقة ب (التزمت) المستفاد من الانشاء ، فليس مفاد النذر