فقد ذكر الاكثر أنه إذا اختلف المالك والراكب في أنه عارية أو إجارة ، فالقول قول مدعي الاجارة ، وعلله في الجواهر بأصالة احترام مال المسلم كدمه وعرضه ، بمعنى الحكم بضمانه على من هو عنده. وفيه : أن احترام مال المسلم إنما هو بمعنى عدم جواز التصرف فيه ـ كما هو معنى احترام دمه وعرضه ـ لا بمعنى ضمانه على من هو عنده ، فانه لا دليل عليه غير عموم : «على اليد ...» الذي قد عرفت اختصاصه بمال الغير الذي لا يشمل المقام بعد ادعاء المالك أنه قرض. لكن في الجواهر : «الظاهر أنه مفروغ منه في غير المقام ، كما لا يخفى على من أحاط خبرا بافراد المسألة في الأبواب المتفرقة». ولكنه مشكل.
وكأنه لذلك كان ما عن الشيخ وابن زهرة وأوّل الشهيدين والاردبيلي والخراساني القول بقبول قول الراكب بيمينه في المسألة المذكورة ، عملا بأصالة البراءة ، الموافق لقول الراكب. وإن كان يشكل ذلك : بأن أصالة البراءة أصل مسببي ، وهو محكوم للأصل السببي ، وهو أصالة عدم الاعارة الموجب لكونه قد استوفى منافع العين بلا إذن من المالك ، فيرجع إلى أصالة ضمان المنافع بالاستيفاء ، الذي عرفت الاشارة إلى أنه من المرتكزات العقلائية التي استقر عليها بناء المتشرعة وعملهم ، وحينئذ لا مجال لاصالة البراءة معه. إلّا أن يقال : على تقدير صحة قول المالك فضمان المنافع يكون بالاجارة لا بالاستيفاء (١) ، نحو ما
__________________
(١) يمكن ان يقال بدخول المسألة في باب التداعي ، بناء على ان المعيار في الفرق بين المدعي والمنكر هو مصب الدعوى دون الغرض ، وبعد التحالف يرجع