وجود الجعل بدون المجعول التناقض ، واجتماع الوجود والعدم ، فعليه لا مانع من الاستصحاب ، لليقين بثبوت الحكم ، والشك في ارتفاعه ، وكون المجعول حكما منوطا بشيء لا يقدح في جواز استصحابه بعد ما كان حكما شرعيا ومجعولا مولويا ، وان كان منوطا.
نعم استشكل فيه بعض الأعاظم من مشايخنا : بأن الشرط المنوط به الحكم ـ كالغليان في المثال المذكور ـ راجع في الحقيقة إلى قيد الموضوع (١) ومرجع قولنا : «العنب إذا غلى ينجس» إلى قولنا : «العنب الغالي ينجس» فإذا وجد العنب ، ولم يغل فلا وجود للحكم لانتفاء موضوعه بانتفاء قيده فلا مجال لاستصحابه. نعم يمكن فرض قضية تعليقية ـ حينئذ ـ فيقال : «العنب لو انضم إليه قيده ـ وهو الغليان ـ ينجس» لكن ذلك ـ مع أنه لازم عقلي ـ مقطوع البقاء ، في كل مركب وجد أحد جزئيه ، لا أنه مشكوك كي يجري فيه الاستصحاب.
وقد يشكل ما ذكره. بأن إرجاع القضايا الشرطية إلى القضايا الحملية ، للبرهان القائم على أن موضوعات الاحكام علل تامة لها ـ لو تم في نفسه ـ لا يتضح ارتباطه بما نحن فيه ، ضرورة أن المدار في صحة جريان الاستصحاب على المفاهيم التي هي مفاد القضايا الشرعية ، سواء أكانت نفس الامر الواقعي ، أم لازمه ، أم ملازمه ، أم ملزومه ، ولذلك يختلف الحال في جريان الاستصحاب وعدمه ، باختلاف ذلك الأمر المتحصل. مثلا : لو كان الدليل قد تضمن أنه إذا وجد
__________________
(١) وتبعه تلميذه سيدنا الاستاد الخوئي قدسسره فراجع مصباح الأصول : ج ٣ / ١٣٧.