لمفاد القضية الحملية ، وان مفاد القضية الشرطية لازم له ـ كما يظهر من بعض عبارات تقرير الاشكال ـ فالمدار في جريان الاستصحاب على مفاد القضية الشرعية ، وان كان لازما للقضية اللبية ، أو ملازما له. ولو كان المدار على ما في لب الواقع لأشكل الأمر في جريان الاصول في موضوعات الأحكام ، وقيودها ـ غالبا ـ للعلم بأنها ليست موضوعا للقضية اللبية. مثلا : المذكور في لسان الأدلة الشرعية أن النجاسة منوطة بالغليان ، ولكن إذا تدبرنا قليلا علمنا أن الغليان ليس هو المنوط به النجاسة ، بل الاسكار ـ ولو الاستعدادي ـ ثم إذا تدبرنا قليلا علمنا أن مناط النجاسة شيء وراء الاسكار الاستعدادي ، مثل الخباثة النفسانية ، وربما نتدبر قليلا فنعلم أن المناط شيء وراء ذلك ، ومع ذلك لا يصح رفع اليد عن ظاهر الدليل في قضية جريان الأصل ، بل يكون هو المدار في جريانه ، لأن أدلة الاستصحاب ناظرة إلى تنقيح مفاد الأدلة الشرعية لا غير. وبذلك افترق الأصل المثبت عن غيره ، فإن الاصل المثبت هو الذي يتعرض لغير مفاد الدليل الشرعي ، وغير المثبت ما يتعرض لمفاد الدليل الشرعي ، من حكمه ، وموضوعه ، وقيودهما ، وقيود قيودهما ، وسائر ما يتعلق بهما ، مما كان مذكورا في الدليل.
وأما عدم جريان الأصل التعليقي فيما لو حدث في أثناء المركب ما يحتمل قطعه ، أو رفعه ، أو منعه ، فيقال : كان المقدار المأتي به من الاجزاء بحيث لو انضم إليه الباقي لأجزأ. فلأن القضية التعليقية المذكورة ، وإن كانت مستفادة من الدليل بنحو الدلالة الالتزامية فهي قضية شرعية ، إلّا أن الملازمة لما كانت عقلية ، والعقل لا يحكم بها مطلقا ، وإنما يحكم بها بشرط أن لا يحدث ما يحتمل قدحه ، فإن اريد