على الإطلاق وكلّ صفاته كذلك ، فإن كلّ واحدة منها غير الاخرى وغير ذاته الأعلى ، إلّا أن هذا الاختلاف إنّما هو بحسب المفهوم لا بحسب المصداق والخارج ، ولذا كان كمال الإخلاص وتوحيد الذّات نفي الصّفات عنه تعالى مع إنها عين ذاته ، بمعنى أن صفاته سبحانه ليست كصفات غيره من الموصوفين حيث أن لكلّ منها في حقّهم ما بحذاء غير ما بحذاء الاخرى وغير ما بحذاء موصوفها ، بخلاف صفاته تعالى فإن ما بحذاء الجميع شيء بسيط وهو عين ذاته المقدّسة ، وسيأتي لذلك فريد بيان إنشاء الله.
وبالجملة : لا تلازم بين الإرادتين إذا اجتمعتا فلا بدّ من صدور الاطاعة والايمان وإن ، اختلفتا فلا بدّ من اختيار الكفر والعصيان.
فإن قلت : إذا كانت الإرادة التّكوينيّة منه سبحانه مستحيل تخلفها عن المراد وإن تعلقت بالكفر أو الايمان أو بالاطاعة أو العصيان لزم سقوط التكليف عن الانسان بالمرّة وعدم استحقاقه المثوبة أو العقوبة على الاطاعة أو المعصية لأنّه إنّما يصحّ ذلك إذا كان مختارا في أفعاله وهي على ما ذكر غير مختار فيها لأنّها بما هي عليها من الخصوصيات قد تعلقت بها الإرادة الحتميّة وعلمه بها قبل وجودها قطعا فلا يكون باختياريّة.
قلت أوّلا : أن الإرادة التّكوينيّة قد عرفت أنّها عبارة عن علمه تعالى بالنّظام الأحسن وعلمه تعالى كعلم غيره لا يكون علّة لوجود المعلوم بل تبع له فلا يوجب سلب الاختيار عنه.
وثانيا : أن أفعال العباد إنّما تخرج عن حيز اختيارهم لو تعلقت إرادته تعالى بصدورها عنهم بالاضطرار لا بالاختيار ونحن نمنع إلّا عن تعلقها بصدورها عنهم