مجال فيه التدارك أصلا لا بنحو الإعادة ولا القضاء كما لا يخفى ، وأمّا تسويغ البدار فيه مطلقا أو مع اليأس عن طرو الاختيار أو إيجاب الانتظار فيه مطلقا ، فهو دائر مدار كون العمل بمجرد طرو الاضطرار أو مع اليأس عن طرو الاختيار أو بشرط الانتظار ذا مصلحة ووافيا بالغرض ، إذ كما يعقل أن يكون لسائر الخصوصيات والطّواري كالسّفر والحضر وأمثالهما دخل في حدوث المصلحة ، كذلك يعقل أن يكون للاضطرار عند اليأس عن طرو الاختيار أو مع الانتظار أو مطلقا دخل فيها ، فلذا يمكن تسويغ البدار مطلقا أو مع اليأس عن طرو الاختيار أو إيجاب الانتظار ولعلّه لهذا اختلفت الموارد شرعا ، ففي بعضها جاز البدار وفي بعضها وجب الانتظار.
وأمّا الثّاني : وهو ما لا يكون وافيا بتمام المصلحة ولا يمكن تدارك الفائتة منها فحكمه أيضا الإجزاء وعدم مجال فيه للقضاء ، إذ به لا تتدارك المصلحة الفائتة حسب الفرض ، وأمّا تسويغ البدار فيه فلا مجال له إلّا مع اشتماله على مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع مع الانتظار وإلّا كان تشريعه نقضا للغرض وتفويتا بشيء من المصلحة يكون واجب الرّعاية.
وأقول : لصورة المستثناة داخلة في القسم الأوّل ، إذ لو كان العمل الاضطراري مع البدار ذا مصلحة ولو من جهة أخرى غير نفسه ، تساوي مصلحته مع الانتظار وتأخيره إلى آخر الوقت لكان وافيا بتمام المصلحة والغرض ، ولعلّه لذا أمر بالفهم في الكفاية ولكن على هذا كانت قضية القسم الأوّل الإجزاء مطلقا إعادة وقضاء كما أفاده في الكفاية وجواز البدار مطلقا إذ لا وجه لعدمه إلّا كونه مخلا بشيء من المصلحة اللازمة ومعه يكون خارجا عن الغرض وهو كونه وافيا بتمام المصلحة ،