فالأولى أن يفصّل بين القسمين بالإجزاء إعادة وقضاء وجواز البدار في القسم الأوّل والإجزاء قضاء وعدم جواز البدار في القسم الثّاني إلّا إذا كانت المصلحة الفائتة بالبدار وبمقدار لا يكون واجب الرّعاية.
فانقدح ممّا ذكرناه أنّه لا يمكن الجمع بين القول بالإجزاء إعادة وقضاء في القسم الأوّل ، وبين التّأمل في جواز البدار فيه وتوقيفه على كون العمل بمجرد الاضطرار وافيا بتمام المصلحة والغرض إذ لو فرض كونه بشرط الانتظار ذا مصلحة ، فكيف بجامع هذا مع القول بالإجزاء فيه بحسب الإعادة ، فالجمع بينهما كما في الكفاية لا يخلو عن المناقشة كما لا يخفى على المتأمل.
فإن قلت : إذا كان الأمر الاضطرار موجبا لفوات شيء من المصلحة الملزمة غير قابل للتّدارك كما في هذا القسم فلا وجه لتشريعه سيما مع تسويغ البدار لإمكان استيفاء تمام المصلحة بإيجاب القضاء.
قلت : للوقت دخل في المصلحة ، فبالقضاء يفوت شيء منها قطعا ، فإن كان ما يفوت بالأمر الاضطرار مساويا له أو أنقص فلا مانع من تشريعه ولعل هذا محصل ما افيد في الكفاية بقوله : لا يقال عليه فلا مجال لتشريعه الى آخره.
وأمّا الثّالث : وهو ما لا يكون وافيا بتمام المصلحة ولكن يمكن تدارك الباقي بالإعادة في الوقت أو مطلقا ولو بالقضاء في خارجه ويكون الباقي مما يجب تداركه فحكمه عدم الإجزاء ولزوم الإعادة أو القضاء وله البدار ، أمّا استحبابا إذا فرض كون العمل معه غير واجد إلّا لمقدار من المصلحة لا يقتضي إلّا الاستحباب بحيث لا يكون الباقي إلّا تمام المصلحة اللّازمة ، فحينئذ له البدار استحبابا مع لزوم الإعادة أو القضاء عليه ، وله التّأخير مع لزوم الإتيان بالعمل ثانيا على ما هو تكليف