التّمسك به لتصحيح الأمر بالضّدين على وجه التّرتب وقد عرفت أنه لا يفيد إلّا حسن العقاب على غير المقدور لا الأمر والخطاب به.
والحاصل أن تنجز التّكليفين على تقدير التّرتب وإن كان يجيء من قبل المكلّف حيث أن أحدهما كان معلقا على مقدّمة اختيارية وقد أوجدها فهو بسوء اختياره صار منشأ تنجز التّكليف المعلق عليه حينئذ ، إلّا أن الكلام في أن مجرد التّعليق على أمر اختياري هل يصحح التّكليف بغير المقدور أو لا؟ ونحن نقول باستحالته من الحكيم الملتفت إلى كونه غير مقدور لكونه لا يبعث نحوه لكونه سفهيا كما أنّه لا يمكن البعث الفعلي إلى الضّدين كذلك لا يمكن البعث القولي الإنشائي إليهما بإنشاء الأمر بهما ، كيف ولو أمكن ذلك وصح تعليق الأمر بغير المقدور بأمر مقدور لجرى بعينه ، فيما إذا كان واحد من الأمرين بالضّدين مطلقا وفرضا في عرض واحد من دون ترتب بينهما ، مع أن التّكليف بهما كذلك غير معقول اتفاقا ولا وجه له سوى ما ذكرنا من أن التّكليف بغير المقدور مطلقا سفهي لا يصدر عن الحكيم.
ويندفع الأمر الثّاني : بأن الإنسان إذا راجع إلى وجدانه حيث يقول لولده مثلا اذهب إلى المكتب وإلّا فاقعد في الدّار وكذا في سائر الموارد الّتي يأمر بالضّدين على وجه التّرتب يقطع بأنّه لو ألتفت إلى أن المكلّف لا يقدر على الجمع بينهما لا يأمره بهما فعلا بحيث يبعثه نحوهما جدا إذا لم يكن سفهيا فإنّه سفهي لا يصدر عن الحكيم كما عرفت ، نعم يمكن الأمر بغير المقدور تعجيزا ، كما ورد في من صوّر صورة أنّه يؤمر يوم القيامة بخلقها وليس هو حقيقة بأمر ولا دخل له بما نحن فيه ، وحقيقة تلك الأوامر في العرفيّات لا يخلو من وجهين ، إمّا أن يكون الأمر الأوّل ممّا رفع اليد وتجاوز عنه الأمر بعد استشعاره من حال المأمور عبدا كان أو ولدا بأنّه في مقام