ومن هنا ظهر أمر آخر ينبغي تقديمه ، وهو الفرق بين هذه المسألة ومسألة النّهي عن العبادة ، فإن موضوع المسألة هو الواحد الذي تعدّد فيه الوجه والعنوان ، بخلاف موضوع المسألة الآتية فإنه متّحد بحسبهما ، بأن يكون النّهي فعلا متعلقا بنفس ما تعلق به الأمر ولو عموما أو إطلاقا ، أي بعنوانه ووجهه كصلاة الحائض المنهي عنها فعلا مع مطلق الصّلاة المأمور بها ، فإن أدلة وجوب الصّلاة تشملها عموما أو إطلاقا ولم يتعلق بها النّهي بعنوان آخر غير كونها صلاة.
ومحصل النّزاع في المسألة الآتية هو أنّه بعد الفراغ عن تعلق النّهي فعلا بعين ما تعلق به الأمر عموما أو إطلاقا وقع النّزاع في أن ذلك النّهي هل يقتضي الفساد أم لا؟ ولذا اتفقوا على اقتضائه فساد العبادة لاتفاقهم على استحالة اجتماع الأحكام في موضوع واحد لم يتعدّد فيه الوجه والعنوان ، فمع تعلق النّهي بها فعلا ، كما هو المفروض في المسألة الآتية لا بدّ من فسادها لعدم إمكان تعلق الأمر بها أيضا كذلك.
توضيح وجه الفرق بين المسألتين إن تعدّد المسائل وامتياز كلّ واحدة منها عن الأخرى إنّما هو بتعدّد الجهات المبحوث عنها فيها وإن اتّحدت موضوعاتها لا بتعدّد موضوعاتها وإن اتّحدت الجهة المبحوث عنها ، ضرورة أنّه مع تعدّد الموضوع واتّحاد الجهة لا ينبغي عقد مسألتين فصاعدا بحسب تعدّده ، بل لا بدّ من عقد مسألة واحدة تعمّ الجميع ، ومع تعدّد الجهات المبحوث عنها وإن كان الموضوع واحدا لا بدّ من عقد مسائل بحسب تلك الجهات ، فيمكن أن يكون موضوع واحد موضوعا لمسائل كثيرة من علم واحد أو علوم كثيرة والجهة. المبحوث عنها في المسألة غير الجهة المبحوث عنها في المسألة الآتية ، إذ قد عرفت أن جهة البحث في