الدّار من العبد أو الولد صحيحا ، لعدم تناف بين ذلك النّهي وبين وقوعه صحيحا ، وكذلك يمكن أن يكون المحرّم وقت النّداء البيع بهذه المعنى ، مع أنّه لو أتى به يقع صحيحا ، بل لا منافات بين كون المسبب والسّبب كليهما محرمين وبين ترتب الأثر عليهما ، كما إذا فرض أنّ مفاد مثل قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) جعل السببيّة للبيع مطلقا ، وبعبارة أخرى إثبات الحليّة الانفاذيّة والإمضائيّة له كذلك ، ومفاد قوله تعالى (وَذَرُوا الْبَيْعَ) حرمته ، بمعنى إنشاء عقده أو إجراء صيغته لا بمعنى الانتقال ، وتعلّق نهي الوالد به بهذا المعنى الثّاني ، فأوقعه الولد وقت النّداء ، فإنّ كلا من السّبب والمسبب حينئذ حرام مع تأثير الاوّل في الثّاني بمقتضى قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) على ما ذكر.
وكذا في الثّالث : لعدم تناف بين الحرمة الذّاتيّة للتّسبب والتّوصّل بالسّبب إلى المسبب وبين عدم فساده وترتب المسبب عليه ، قصوى الأمر أنّ النّهي يقتضي كون ذلك مقدورا للمكلّف ، وأمّا عدم وقوعه عنه خارجا فلا يقتضيه يقتضي وقوعه ، فالحرمة الذّاتيّة الّتي هي مدلول مادّتها أو مدلول هيئة النّهي وضعا للمعاملة بأقسامها الثّلاثة لا يقتضي فسادها ، بل يقتضي صحّتها في الآخرين كما سيأتي إن شاء الله ، نعم يقتضي فسادها إن كان متعلقها ما لا يكاد يحرم ذاتا إلّا إذا كانت المعاملة فاسدة ، كما لو ورود مثلا ٦ أنّ ثمن الكلب أو العذرة أو الميتة سحت ، أو أنّ الدّرهم من الرّبا يعادل سبعين زنية وأمثال ذلك ، ضرورة أن تحريم أكل الثّمن أو المثمن في مثل البيع الرّبوي أو في بيع شيء كالميتة ممّا لا يجامع صحّة تلك المعاملة ، فيكشف عن فسادها لا محالة.
فتحصل ممّا ذكرنا ، أن النّهي عن المعاملة مطلقا سببا كان أو مسببا أو تسببا