حقيقة ، كما أنّه لا شبهة في صحة إطلاق المعرف والكاشف في القسم الثّاني لانّه بنفسه لا يؤثر في الحكم أصلا ، وأمّا إطلاق السّبب عليه في القسم الأوّل فهو إنّما يصحّ تسامحا بملاحظة أنّه يوجب تماميّة موضوع الحكم إذ له دخل فيه حسب الفرض وكلّ موضوع بالنّسبة الى حكمه بمنزلة العلّة له ، فإنه متوقف عليه ولا يعقل ثبوت الحكم بدون الموضوع ، إلّا أنّ السبب حقيقة هو ما يؤثر في الشّيء وليس السّبب للحكم بهذا المعنى سوى القسم الأخير ، وحيث أنّ هذا غير واقع في الإحكام الشّرعيّة على مذهب العدليّة ، إذ عليه لا يكون الدّاعي الى إنشائها سوى علمه تبارك وتعالى بما في نفس الإفعال من المصالح والمفاسد أو إنّما في نفس إنشائها وجعلها من المصلحة على اختلاف الموارد أو القولين ، فلذا يصحّ أن يقال أنّ الاسباب الشّرعيّة كلّها ليست بعلل حقيقة بل معرفات وكواشف مطلقا ، أمّا في ما إذا كانت من قبيل الثّاني فواضح ، وأمّا فيما إذا كانت من قبيل الاوّل فلانّ دخلها في تحقق الموضوعات كلا أو بعضا ، وبعبارة اخرى في حدوث المصلحة في نفس التّكليف بها أو في صيرورتها ذوات حسن ومصلحة أو قبح ومفسدة لا يوجب كونها مؤثرات في إنشاء الأحكام ولا يصدق عليها السّببيّة في هذا القسم أيضا إلّا تسامحا كما عرفت ، ولعل هذا هو المنشأ لما اشتهر بينهم أنّ الأسباب الشّرعيّة معرفات لا مؤثّرات ، إلّا أن هذا الفرق لا يجدي في رفع الإشكال ولزوم القول بالتّداخل فيها لا في غيرها كما قيل ولا فيما قبل أيضا من ابتناء المسألة أي القول بالتّداخل وعدمه على كونها معرفات أو مؤثّرات ما لم ينضم إليه منع دلالة القضيّة على الحدوث عند الحدوث ، أو على تقدير تسليم دلالتها على ذلك يلزم محذور اجتماع المثلين سواء قلنا بأنّها معرفات أو مؤثّرات كالعلل العقليّة كما لا يخفى ،