من الأمرين من الإطلاق في عرض الآخر لكونه قابلا لأن يراد من المطلق من غير مزية لأحدهما عن الآخر ، فلا وجه لانصراف المطلق أو ظهوره إطلاقا وبقرينة الحكمة في خصوص الأوّل إلّا أن يدّعي إن إرادة الثّاني خاصّة محتاجة إلى القرينة لكونه من قبيل الزّائد بالنّسبة إلى الأوّل ، فتحصل ممّا ذكرنا أنّ التّفصيل بين الصّورتين مبني على ثبوت هذا الفرق بينهما ، فإنّ أمكن إثباته فهو ، وإلّا فلا فرق بينهما في أن كلا منهما لا يقتضي انتفاء نسخ الحكم المذكور عن ما بعد الغاية ، لأنّ حالها حال الوصف والحال ونحوهما في أنّ التّحديد بها لا يقتضي أزيد من ثبوت الحكم لذلك الموضوع المحدود بتلك الحدود ، وأمّا ما أعداه فحكمه مسكوت عنه نفيا وإثباتا لعدم ثبوت وضع لها للدلالة على الانتفاء عن ما عداه وعدم قرينة عامّة ملازمة لها تقتضي ذلك ، لأنّ فائدة التّحديد غير منحصرة فيه ، فله فوائد كثيرة كلّها محتملة ، فتخصيص واحد منها محتاج إلى مرجّح فلا مفهوم للغاية ، هذا حكم ما بعد الغاية أي ما بعد مدخول إلى وحتّى ، وأمّا حكم نفسها ، أعني مدخولهما ، ففيه خلاف آخر كما أشرنا إليه في العنوان ، قيل بدخولها في المغيّى وقيل بخروجها عنه ، وقيل بالتّفصيل بين حتّى وإلى ، إلى غير ذلك من التّفاصيل ، والحقّ أنّ موارد الاستعمالات مختلفة في الدّخول تارة والخروج اخرى ، لا في خصوص اللّغة العربيّة ، بل في غيرها من الفارسيّة وغيرها ، فيما يرادف لفظة «إلى وحتّى» في تلك اللّغات ، فاستكشاف الدّخول أو الخروج محتاج إلى القرينة المعيّنة ، فلا مفهوم للغاية من هذه الجهة أيضا.
هذا فيما كانت الغاية غاية للموضوع ، وأمّا فيما كانت غاية للحكم فينبغي تحرير الخلاف فيها هكذا ، هل يقتضي انقطاع الحكم عن الغاية أو ارتفاعها عنها أو