الصّحيحي على هذا القول يدعي الاوّل ، والأعمّي يدعي الثّاني وحيث أن النّزاع على هذين الوجهين على مذهب الباقلاني والنافين للحقيقة الشّرعية مشترك مع النّزاع بين المثبتين لها في الاثر والثمرة العمليّة كما لا يخفى ، فيصح جعل النّزاع في المسألة غير مختص بالقول بثبوت الحقيقة الشّرعية وإن كان ظاهر عنوان المسألة أو صريحه مختصا به ، إلّا أن الوجهان المذكوران لتصوير النّزاع على مذهب الباقلاني وسائر النافين وإن أمكنا عقلا إلّا أنّهما بعيدان جدا ، بل يمكن دعوى القطع بعدم صدورهما من الشّارع عادة. فالنّزاع في المسألة منحصر بين القائلين بثبوت الحقيقة الشّرعية.
الامر الثّاني : الظّاهر أن الصحة عند الكلّ بمعنى واحد وهو التّماميّة ، ويعبر عنه بالفارسية ب «درست» وليس الفرض من تعريفها باسقاط الاعادة والقضاء عنه كما عن الفقهاء أو بموافقة الشّريعة كما عن المتكلّمين تحديدها وتفسير معناها بحقيقتها كي يكون أمرا مختلفا فيه عنهم ، بل الفرض رسمهما والاشارة الى معناها بذكر توازنها وآثارها ممّا هو المهمّ والمناسب لكل من الفرقتين. وحيث أن المناسب للفقهاء البحث عن حكم الاعادة والقضاء فلهذا عرفوها باسقاط الاعادة والقضاء والمناسب للمتكلّمين البحث عن اطاعة الشّارع ففسروها بموافقة الشّريعة. ومن الواضح أن كلا من الفريقين من آثار الصحة بمعنى التّمامية فلا اختلاف حقيقة بين التفسيرين في اصل معنى الصحة وحقيقتها. واختلاف الآثار فيما هو المهم بحسب الأنظار لا يكشف عن الاختلاف في حقيقة الصحة ، كما أن اختلافهما أيضا بحسب أفراد المكلّفين والحالات من الحضر والسفر والاختيار والاضطرار والعلم والجهل والذّكر والنّسيان ونحوها لا يكشف عن اختلاف حقيقتها لأن هذه الاختلافات