لأن مراتب الصحاح فيها كثيرة أيّ مرتبة منها تجعل الموضوع لها أولا؟ المقياس لصحة الاستعمال في غيرها من مراتب الفاسدة أي مشابهة بين الصّحيح من مثل الصّلاة في حق الحريق والغريق والفاسد منها في حق المختار؟ مع أن الصّحة والفساد كما عرفت من الامور الإضافية ، فقد يكون عمل واحد صحيحا في حالة دون اخرى أو صحيحا في حق أحد فاسدا في حق آخر ، فليس في مرتبة من صحاحها ما يصح أن يقال أنه لوحظ حين الوضع ووضع اللفظ بازائه أولا ثمّ صار حقيقة في الأعم عرفا.
وثانيا : إنّه لا يجدى في ترتب ثمرة الخلاف في المسألة بين الصحيحي والأعمّي من كون الالفاظ مجملة على الصّحيحي ومطلقه على الأعمّي فله التّمسك باطلاقها إن كان واردا في مقام بيان الحكم وذلك لأن الالفاظ على هذا الوجه إن كانت معها قرينة دالة على إرادة الصّحيح حينئذ أيضا تصير مجملة حالها عند الأعمّي حالها عند الصّحيحي ، وإن لم تكن معها قرينة دالة على إرادة الصّحيح ، فإن كانت مهملة كأن لم تكن واردة فى مقام تبيان الحكم فليس له التّمسك باطلاقها حينئذ أيضا ، وإن كانت واردة في مقام تبيان الحكم فليس له التّمسك بإطلاقها في حملها على مرتبة من مراتب الفاسدة إذ لا أثر لها كي يرتب عليها بعد حمل اللفظ عليها ، فلا بدّ من حملها حينئذ أيضا على الصحيحي ومعه تصير حالها عند الأعمّي حالها عند الصّحيحي.
وممّا ذكرنا من جواب هذا الوجه يظهر الجواب عن وجه آخر يقال ، وهو ان وضع الفاظ العبادات كوضع أسامي الموازين والمقادير كالكر والصّاع والرّطل والمثقال والحقّة والوزنة ونحوها ممّا لا شبهة في أنّها حقائق في الزّائد والنّاقص في الجملة ، فإن الواضع فيها وإن لاحظ حين الوضع مقدارا خاصا أو حجرا أمينا