إلّا أنه لم يوضع اللّفظ بازاء شخص ذلك المقدار أو ذاك الحجر تحقيقا كي يكون اطلاقه على الزّائد أو الناقص عنه مجازا ، بل بازاء ما يساويه ويعادله عرفا بحيث يصح أن يقال عندهم أنه بذلك المقدار ، فالموضوع له فيها أعم من الناقص والزائد في الجملة لأن تعيينه موكول بنظر العرف وهم يتسامحون ويقولون : أن هذا المقدار كذا. مع أنه زائد عليه أو ناقص عنه حقيقة إذا لم تكن الزّيادة أو النّقيصة عنهم معتدا بها. وهكذا حال أسامي العبادات.
ومحصل الجواب أن الصّحيح يختلف زيادة ونقيصة بحسب الحالات والاشخاص ، فليس فيه مقدار معين في جميع الموارد لوحظ الزّائد والنّاقص بالاضافة إليه كي يقال أنه لوحظ حين الوضع ولكن لم يوضع اللّفظ بازاء شخصه أو مقداره تحقيقا بل بإزاء ما هو أعمّ منه تقريبا.
الامر الرّابع : الظّاهر المقطوع به كون الوضع والموضوع له عامين في الفاظ العبادات ، سواء قلنا بوضعها للصّحيح أو الأعم وإن احتملنا سابقا كون الموضوع له فيها خاصا ، لأنه مجرد إمكان عقلي إذ لا موجب له سوى ارادة الإفراد منها كثيرا ومن الواضح أن مجرد هذا لا يكفي في إثبات خصوصية الموضوع له لإمكان أن يكون المستعمل فيه في تلك الموارد نفس العام مجردا عن تخصصه بخصوصيات الأفراد وإن كانت مرادة من باب إطلاق الكلّي على أفراده لا هي بما عليها من الخصوصيات بحيث تكون خصوصياتها أيضا مأخوذة في المستعمل فيه وإطلاق لفظ العام على الخاص على الوجه الاوّل حقيقة دون الثاني ، ولا ملزم لحمل تلك الموارد عليه دون الاوّل ، فإن الوضع للعام لا يقتضي إلّا صحة إرادته من اللّفظ ولا يمنع من تشخصه خارجا وإرادته كذلك بأمر خارج عن اللّفظ لعل الأمر في تلك