مورد مسألة البراءة والاشتغال دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطين مطلقا من غير فرق فيه قولا ودليلا بين كون منشأ شكّ فقدان النّص أو إجماله فلا عمّي في المقام أن يقول بالاشتغال كما أن للصحيحي أن يقول بالبراءة لأنه جزئي من موارد تلك المسألة ، ولذا ذهب المشهور القائلون بالبراءة فيها الى القول بالوضع للصحيح في هذه المسألة ولعل هذا القائل اشتبه عليه مفهوم الصحيح بمصداقه وتوهم أن المراد بالصحيح الذي أدعي الوضع له مفهومة إذ على هذا التّقدير عنوان المكلّف به وهو مفهوم الصحيح أمر متبين نظير مفهوم الطهارة ، فإنه أيضا متبين ، فكما أنه إذا شكّ في أنّها بم تتحقق في الخارج بالغسل مرّة أو مرّتين مع العصر أو بدونه كان المرجع قاعدة الاشتغال بلا إشكال وخلاف فيه بعد تسليم الصغرى ، كذلك في المقام ، فإذا شكّ في جزئية شيء أو شرطيته للعبادة كان مرجعه الى الشّك في أن مفهوم الصحيح بم يحصل في الخارج فالمرجع حينئذ قاعدة الاشتغال.
إلّا أن الأمر ليس كما توهّمه لأنّ المراد بالصّحيح مصداقه وهو الذي يحمل عليه ما بالجمل الشّائع الصّناعي ، وعلى هذا إذا استعمل اللّفظ مجردا عن القرينة يكون مجملا فيكون المورد من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين كلّ على مذهبه ، وأمّا ما توهمه من الرّجوع الى البراءة على الأعمّي فلا منشأ له أصلا ، فإنّ اللّفظ إمّا أن يكون واردا في مقام بيان الحكم فالمرجع حينئذ أصالة الاطلاق لا أصالة البراءة ولا أصالة الاشتغال ، إذ لا مجال لهما عند وجود الاصل اللفظي كأصالة الاطلاق ، وإن لم يكن كذلك بل كان مهملا وفي مقام بيان حكم آخر ومرجع إهماله الى إجماله فالمرجح حينئذ أصالة البراءة أو الاشتغال كلّ على مذهبه ، لأن المورد جزئي من موارد مسألة الاشتغال والبراءة. فالثّمرة المذكورة