طريق الاحتياط يذعن العقل بنصب طريق آخر ، وهو التقليد والاستناد إلى من له الحجّة على الأحكام.
وهذا الذي نعبّر عنه ب «التقليد» ورجوع الجاهل إلى العالم ليس إلّا حكم العقل ، وعليه جرى أيضا بناء العقلاء في حياتهم.
قال المحقّق الخراساني في الكفاية : ان جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم في الجملة (١) يكون بديهيّا جبليّا فطريّا ، وإلّا لزم سدّ باب العلم به (٢) على العامي مطلقا (٣) غالبا لعجزه عن معرفة ما دل عليه كتابا وسنّة ، ولا يجوز التقليد فيه أيضا ، وإلّا لدار (٤) أو تسلسل.
وناقش فيه المحقّق الاصفهاني في حاشيته على الكفاية في المقام بمنع كون جواز التقليد بديهيّا جبليا فطريّا وذلك لوجهين :
الأوّل : ان المقصود بالفطري إمّا أن يكون القضية الفطرية المعدودة في كتاب البرهان من القضايا الستّ البديهية ، وإما أن يكون الفطري بمعنى الجبلّة والطبع ، وعلى كل من المعنيين لا يكون جواز التقليد فطريّا.
أمّا على الأول : فلأن القضية الفطريّة هي التي تكون قياساتها معها ،
__________________
(١) والمراد بقوله في الجملة : اثبات فطرية جواز رجوع الجاهل إلى العالم في ظرف اجتماع الشرائط في المجتهد فلا يكون الرجوع إلى الفاسق أو المتجزّي أو الصبي فطريا بديهيا.
(٢) أي بجواز التقليد.
(٣) أي سواء أكان العامي اميا لا حظّ له من العلم أصلا أم كان له نصيب من العلم لكن لم تكن له ملكة الاستنباط.
(٤) إذ لو كان جواز التقليد بتقليد آخر فإن كان ذلك التقليد الآخر بهذا التقليد لزم الدور ، وإن كان بتقليد آخر أيضا وهلم جرا لزم التسلسل.