تعيين الأفضل فيتخيّر بين تقليده وتقليد المفضول.
والرواية المذكورة بعد تسليم سندها واردة في صورة التعارض في الحكم ، فلا تدل على عدم الإعتداد بحكم المفضول عند عدم المعارضة فضلا عن دلالته على عدم الإعتداد بفتواه مطلقا ، فإن الحكم المذكور في الرواية غير الفتوى كما يشهد به سياقها والإجماع المدّعى على عدم الفرق ممنوع.
وحجيّة التقليد تعبّدية وليست منوطة بالظن ، فلا يقدح قوّة الظن في فتوى الأفضل مع انها على اطلاقها ممنوعة ، فإنّ المقلّد قد يقف على مدارك الفريقين فيترجّح في نظره فتوى المفضول.
والحجّة على جواز التقليد لا ينحصر في الإجماع والضرورة فلا يثبت المنع بمجرّد عدم قيامهما على جواز تقليد المفضول مع قيام غيرهما عليه كما عرفت.
على ان الظاهر من المانعين عدم جواز الرجوع إلى المفضول مع امكان الرجوع إلى الأفضل ولو بالرجوع إلى من يروي عنه الفتوى وهذا يؤدّي إلى عدم جواز التعويل على فتوى أحد في زمن المعصوم وما قاربه مع امكان الرجوع إلى الرواية عنه بطريق الأولويّة فيجب على المفتي حينئذ العدول عن ذكر الفتوى إلى نقل الرواية عند حاجة المستفتي ولا قائل به ظاهرا ، ورواية أبان بن تغلب السابقة كالصريح في نفي ذلك (١) والسيرة المستمرّة شاهدة على بطلانه.
مع ما في تعيين الأفضل من الضيق القريب من الحرج ، وبهذه الوجوه يمكن القدح في كون الشهرة المدّعاة في المقام قادحة في عموم الأدلّة فالقول
__________________
(١) مراده ما روي من ان الصادق عليهالسلام قال لأبان بن تغلب : «اجلس في مسجد المدينة وافت الناس فإنّي احب أن يرى في شيعتي مثلك» «رجال النّجاشي ص ٧».