الأعلم وحدها أيضا ليست فاصلة ، بل لا بدّ أن ينضمّ إليها كونه أعدل وأصدق في الحديث وأورع ، وحينئذ فالقاء الخصوصية عرفا أو دعوى القطع باتحاد المناط في البابين ممّا لا وجه لهما بعد وضوح الفرق بين البابين مع ان ما هو المفيد في مثل المقام القول بعدم الفصل لا عدم القول بالفصل.
وقال الإمام «رضوان الله عليه» في رسالة الاجتهاد والتقليد في المقام : لعلّ الشارع لاحظ جانب الاحتياط في حقوق الناس فجعل حكم الأعلم فاصلا لأقربيته إلى الواقع بنظره ولم يلاحظ في أحكامه ذلك توسعة على الناس فدعوى القاء الخصوصية مجازفة ودعوى القطع أشدّ مجازفة. (١)
وأمّا ثانيا : فلدلالتها على الترجيح بالأوصاف الأربعة معا بحكم واو الجمع (أحدها الأعلميّة) مع ان القطع حاصل بأنه لا مدخليّة للأصدقيّة والأورعيّة في تقديم إحدى الفتويين المتعارضتين فالأوصاف الواردة في الرواية راجعة إلى باب القضاء وأجنبيّة من باب الفتوى.
وأمّا ثالثا : فلأن الأعلميّة المبحوث عنها في باب التقليد انما هي الأعلميّة المطلقة ، ولكن الأعلميّة المذكورة في الرواية هي الأعلميّة النسبية والإضافيّة لقوله عليهالسلام : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما ومعناه ان كون أحد الحاكمين أفقه من غيره يكون مرجّحا في باب القضاء ولا يعتبر عند الاختلاف المفروض في الرواية الأعلمية المطلقة وأين هذا من الأعلمية المبحوث عنها في باب التقليد لبداهة اعتبار الأعلمية المطلقة فيه على القول باعتبارها فلا دلالة للمقبولة على لزوم الترافع عند الأفضل بالنحو المطلق حتى يتعدّى منه إلى باب التقليد.
__________________
(١) رسالة الاجتهاد والتقليد ص ١٤٤.