الروايات من جهة كونها موافقة للمشهور أو مخالفة له مع ان شأن المترافعين ومهمّتهما ليس هو النظر في مدرك الحكمين والاجتهاد في ترجيح أحدهما على الآخر إجماعا على ما صرّح به العلّامة الرشتي في رسالته في تقليد الأعلم. (١)
وأمّا الجهة الثالثة من الكلام فيها أي من جهة دلالتها على اعتبار الأعلميّة في باب التقليد أيضا ففيها أيضا وجوه من البحث.
أمّا أوّلا : فلعدم ثبوت الملازمة بين باب القضاء وباب الفتوى والتقليد ، بل ثبت خلافه ، ولذا يجوز ترافع المجتهدين إلى ثالث ، ولا يجوز تقليد المجتهد لغيره كما انه يجوز الإفتاء بالخلاف على فتوى الآخر ، ولا يجوز الحكم بالخلاف على حكم الآخر ، ودعوى اتحاد المناط في البابين أيضا مجازفة فإن المناط في باب الخصومة فصل الخصومة ، ولا يحصل ذلك مع اختلاف الحاكمين والحكم بالتخيير فلا بد من الترجيح بخلاف باب الفتوى فإن المناط فيه تحصيل الحجّة فيمكن أن يحكم الشارع بحجيّة فتوى كلا المجتهدين في حق المقلّد (من غير اعتبار التساوي في العلم والفضيلة) فيكون المقلّد مخيّرا في الأخذ بأيّ من الفتويين.
وحينئذ فحيث يكون سلب المركّب أو ما بحكمه (٢) بسلب أحد أجزائه فحكم الشارع بعدم نفوذ حكم المفضول في باب القضاء (إذا حصل الاختلاف بينه وبين الأفضل في الحكم على ما هو المفروض في المقبولة) ليس من جهة عدم صلاحيته للحجية ، بل لعدم كونه فاصلا ، كما ان فتوى
__________________
(١) رسالة تقليد الأعلم للعلّامة الميرزا حبيب الله الرشتي ص ٣٥.
(٢) والمراد من المركّب أو ما بحكمه في المقام هو كون المقام مقام القضاء وحكم المفضول في قبال الأفضل علما وصدقا في الحديث وعدلا وورعا.