عدم خروج بعض الأطراف عن معرض الابتلاء في المقامين وهذا هو الصحيح (١).
وقد عرفت أنّ الصحيح في التنجيز هو اعتبار عدم الخروج عن مورد الابتلاء ولا يكفي في رفع الاستهجان وجود الغرض الراجح لأنّه لا يناسب مع الحكم الالزامي ومقتضى ما ذكر هو اعتبار المعرضية للابتلاء في تنجيز العلم الإجمالي وحسن الخطاب من دون فرق بين المحرمات والواجبات نعم ربّما يقع الخطاب للأهميّة أو احتمال صيرورة المورد محلا للابتلاء وهو أيضا لا فرق فيه بين المحرّمات والواجبات وبالجملة فلا وجه للتفرقة بينهما على أيّ تقدير كما لا يخفى.
لا يقال : إنّ أمر المولى الحقيقي غير مقيد عقلا وعرفا إلّا بالقدرة على امتثاله تكوينا أمّا مجرد صعوبة المقدمات أو كثرتها فلا تمنع من صحته فضلا عن تنجيزه لأنّ مولوية مولانا ذاتية ومطلقة وليست كالمولويات العرفية التي ربّما يدعى ضعفها وعدم ثبوتها في موارد الأفعال الشاقة فلو اريد دعوى عدم الأمر من قبل الشارع بالفعل الشاق الخارج عن محلّ الابتلاء لعدم تعلّق غرض له بذلك فهو بلا موجب لوضوح أنّ الشارع قد يتعلّق غرضه بذلك كما أمر نبيّنا صلىاللهعليهوآله بنشر الدين وفتح العالم أو مقارعة المستكبرين وإذلال القياصرة والأكاسرة مع أنّ مثل هذا العمل كان بحسب النظر البدائي غير مقدور له وأنّ التكليف به لغو.
ولو اريد دعوى أنّه لا يتنجز على المكلّف فقد عرفت أنّ التنجيز مرتبط بدائرة المولوية وحق الطاعة وهي مطلقة في حق مولانا سبحانه (٢).
لأنّا نقول : بما مرّ في محله من عدم الفرق بين أمر المولى الحقيقي وأمر غيره في التنجيز وشرائطه بعد ما عرفت من أنّ الشارع لم يجعل طريقا خاصّا غير طريق العقلاء في الإيجاب والامتثال والاثبات والسقوط وكون مولوية الله تعالى مطلقة لا ينافي اكتفائه في الامتثال
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٣٩٥.
(٢) مباحث الحج / ج ٢ ، ص ٢٨٩.