الاصول النقلية فأدلتها وإن كانت مطلقة في نفسها إلّا أنّها مقيدة بما بعد الفحص بالقرينة العقلية المتصلة والنقلية المنفصلة (١) هذا فيما إذا قلنا باطلاق أدلّة الاصول من البراءة النقلية وغيرها فيمكن تقييدها بما دلّ على وجوب التفقه والتعلم بالنسبة إلى الشبهات الحكمية فيجب الفحص والتعلم قبل الأخذ بالبراءة وأمّا بناء على عدم اطلاق أدلّة الاصول وقلنا بأنّ المراد من عدم العلم المأخوذ في موضوع الاصول هو عدم الحجة القاطعة للعذر فحال الأدلة النقلية كحال البراءة العقلية من حيث إنّ وجود الحجة الواقعية إذا كانت بحيث لو تفحّص عنها لظفر بها كاف في تنجيز الواقع فمع احتماله قبل الفحص يشك في تحقق موضوع الاصول بل الشك منصرف عن مثله ومعه لا يصح الأخذ بها ولا إطلاق لها حتى يحتاج إلى تقييد اطلاقها بالأدلة الدالة على وجوب التفقه فتدبّر جيّدا.
استحقاق العقاب عند ترك الفحص وحصول المخالفة :
قال صاحب الكفاية قدسسره أمّا التبعة فلا شبهة في استحقاق العقوبة على المخالفة فيما إذا كان ترك التعلم والفحص مؤدّيا إلى المخالفة فإنّ المخالفة حينئذ وإن كانت مغفولة حين المخالفة وبلا اختيار إلّا أنّها منتهية إلى الاختيار وهو كاف في صحة العقوبة بل مجرد ترك التعلم والتفحص كاف في صحة المؤاخذة والعقوبة وإن لم يكن مؤدّيا إلى المخالفة مع احتمال أدائه إلى المخالفة لأجل التجرّي وعدم المبالات بها نعم يشكل ذلك في الواجب المشروط والموقت ولو أدّى تركهما قبل الشرط والوقت إلى المخالفة بعدهما فضلا عما إذا لم يؤد إليها حيث لا يكون حينئذ تكليف فعلي أصلا لا قبلهما وهو واضح ولا بعدهما وهو كذلك لعدم التمكن منه بسبب الغفلة ولذا التجأ المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك قدسسرهما إلى الالتزام بوجوب التفقه والتعلم نفسيا تهيئيا فيكون العقوبة على ترك التعلم نفسه لا على ما أدّى اليه من المخالفة فلا اشكال ح في المشروط والموقت إلى أن قال في الكفاية ولا يخفى أنّه لا يكاد ينحل هذا
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٤٩٤.