وعليه فأصالة الطهارة وإن كانت جارية مع استصحاب الطهارة ولكنّها مع ملاحظة استصحاب النجاسة المخالف لا تجرى لكونها محكومة لا يرجع إليها الا بعد تساقط الاستصحاب المخالف عند معارضته مع الاستصحاب الموافق هذا بخلاف المقام لما عرفت من جريان أصالة الطهارة مع استصحاب الطهارة لموافقتهما فتدبّر جيّدا.
التنبيه الثالث : في انحلال العلم الإجمالي وعدم تأثيره بسبب الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف وعدمه.
والكلام يقع في مقامين :
المقام الأوّل : فيما إذا كان الاضطرار إلى أحدهما المعين وهو يتصور بصور مختلفة أحدها : أن يكون الاضطرار قبل العلم بالتكليف أو مقارنا معه فالظاهر في هذه الصورة عدم وجوب الاجتناب عن الباقى لرجوع ذلك إلى عدم تنجز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعى لاحتمال كون المحرم هو المضطر إليه.
وثانيها : أن يكون الاضطرار بعد العلم بالتكليف ولكنّ مدة الفصل بين التكليف وعروض الاضطرار قليلة بحيث لا يمكن فيها الامتثال بالنسبة إلى التكليف المعلوم ومع عدم التمكن من الامتثال فلا يعقل تنجيز التكليف قبل حدوث الاضطرار وهذه الصورة ملحقة بما اذا كان الاضطرار قبل العلم بالتكليف أو مقارنا له.
ثالثها : أن يكون الاضطرار بعد العلم الإجمالي بزمان يتمكن فيه من الامتثال ففى هذه الصورة اختلفت الآراء والأقوال.
منها : أنّ الظاهر وجوب الاجتناب عن الآخر لأنّ الإذن في ترك بعض المقدمات العلمية بعد ملاحظة وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي يرجع إلى اكتفاء الشارع في امتثال ذلك التكليف بالاجتناب عن بعض المشتبهات فيجب الاجتناب عن الطرف غير المضطر اليه وهذا هو المختار.