وقد عبّر هو قدسسره في باب الاستصحاب بعدم المعارض.
ثم لا يخفى عليك أنّه لا معنى للنزاع في حجية مثبتات البراءة وعدمها إذ أصالة البراءة لا تنفى إلّا تنجّز الحكم الواقعي أو فعليته فالأمر العادي أو العقلي أو الشرعي المترتب عليها لو كان من آثار عدم تنجز الحكم ولوازمه أو فعليته ولوازمها يترتب عليه لا محالة إذ بعد اجراء البراءة يرتفع تنجز الحكم أو فعليته بالوجدان وذلك يستلزم ثبوت كل ما كان مترتبا عليه أو ملازما له.
ولو كان من آثار عدم الحكم واقعا لا يترتب بعد جريان البراءة ولو قلنا بالأصل المثبت إذ البراءة لا تنفى الحكم واقعا.
ومما ذكر يظهر أنّه لا وجه لارجاع كلام الفاضل التوني إلى عدم حجيته مثبتات البراءة فلا تغفل.
وثانيهما : من شرائط جريان البراءة أن لا يتضرر باعمال البراءة مسلم كما لو فتح انسان قفص طائر فطار أو حبس شاة فمات ولدها أو أمسك رجلا فهرب دابته فإنّ اعمال البراءة في هذه الموارد والحكم بعدم الضمان يوجب تضرر المالك فيحتمل اندراجه في قاعدة الاتلاف وعموم قوله صلىاللهعليهوآله لا ضرر ولا ضرار ولا ظن بأنّ الواقعة غير منصوصة فلا يتحقق شرط التمسك بالأصل من فقدان النصّ بل يحصل القطع بتعلق حكم شرعى بالضّار ولكن لا يعلم أنّه مجرد التعزير أو الضمان أو هما معا فينبغى له تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح.
أورد عليه الشيخ الأعظم قدسسره ومن تبعه بأنّه إن كان قاعدة نفى الضرر معتبرة في مورد الأصل كان دليلا كسائر الأدلّة الاجتهادية وحاكما على البراءة وإلّا فلا معنى للتوقف في الواقعة وترك العمل بالبراءة ومجرد احتمال اندراج الواقعة تحت قاعدة الاتلاف أو حديث لا ضرر لا يوجب رفع اليد عن الأصل مع تحقق موضوعه وهو الشك.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ أدلّة البراءة إنّما وردت امتنانا والمرادية هو الامتنان النوعي ومن المعلوم أنّ جعل البراءة في المورد الذي شكّ في ايجاب البراءة فيه للضرر على الغير خلاف