واحاط الاسى بابنة الرسول وألم بها الخطب واضر الحزن بقلبها الرقيق المعذب ، فقد شاهدت أباها يعاني اشد الألم والكرب وهو يقول :
( وا كرباه )
ويمتلئ قلبها باللوعة والحزن فتجيبه
« وا كربا لكربك يا أبتي »
فنظر إليها وقد غام بصرها بالدموع فاشفق عليها وقال لها :
« لا كرب على أبيك بعد اليوم .. »
ولما اشتدت حالته تغير وضع الزهراء (ع) فكانت شاحبة اللون خائرة القوى ذاهلة اللب قد ساورتها الهواجس والهموم واحاطت بها الآلام والاحزان فلما رآها تصدع قلبه وأراد أن يزيل عنها كابوس الحزن فاجلسها الى جنبه فاسر إليها بحديث فلم تملك عند سماعه الا ان تجرى عيناها بالدموع ومال صلىاللهعليهوآلهوسلم إليها ثانية فالقى عليها كلاما قابلته ببسمات فياضة بالبشر والرضا ، وعجبت عائشة من هذا الصنيع وراحت تقول :
« ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن!! »
وسألتها عما قال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فامتنعت عن اجابتها ، ولما تصرمت الايام اخبرت عن سبب ذلك البكاء والسرور فقالت أخبرني :
« ان جبرئيل كان يعارضني بالقرآن فى كل سنة مرة ، وانه عارضني هذا العام مرتين ، وما اراه الا قد حضر أجلى »
فهذا سبب لوعتها وبكائها واما سبب سرورها فتقول أخبرني.