بصرف الامر عنهم والاعتداء عليهم ، وتركوهم يتجرعون الغصص ، ويتوسدون الارق وتساورهم الهموم ، فما اعظم رزيتهم؟! وما اشد محنتهم وبلاءهم!!
لقد تسرع القوم الى عقد البيعة ، وانتهزوا الفرصة في انشغال امير المؤمنين بتجهيز جثمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم يمهلوه حتى يفرغ من مواراته صلىاللهعليهوآلهوسلم لئلا يفوت الامر منهم ، وتضيع امانيهم وآمالهم فى الاستيلاء على زمام الحكم والسلطان .. وعلى أي حال فلا بدلنا من البحث عن فصول تلك المأساة الكبرى ـ بايجاز ـ فانها ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة الامام الحسن عليهالسلام ، فان صرف الامر عن أهل البيت عليهمالسلام كانت له مضاعفاته السيئة ونتائجه الخطيرة ، واهمها طمع الطلقاء وابنائهم خصوم الاسلام واعداء الله في الخلافة الاسلامية ، ومناجزتهم لاهل بيت النبوة ومعدن الرحمة ، حتى اضطر سبط النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الامام الحسن عليهالسلام في دوره الى الصلح مع معاوية وتسليم الامر له ، والى القراء بيان ذلك.
وترك القوم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مسجى في فراش الموت ، لم يهتموا في شيء من أمره فقد سارع الانصار الى سقيفة بني ساعدة (١) وعقدوا لهم اجتماعا سريا أحاطوه بكثير من الكتمان والتحفظ ، واحضروا معهم شيخ الخزرج سعد بن عبادة (٢)
__________________
(١) السقيفة : الصفة تشبه البهو ، كانت مجمعا للانصار ودارا لندوتهم
(٢) سعد بن عبادة : سيد الخزرج ، وزعيم الانصار اعترف له قومه بالسيادة ، وقد اشتهر بالجود والسخاء هو وابوه وجده وابنه قيس ، ويقال لم ـ