واستقبل جمهور المسلمين خلافة الامام أمير المؤمنين بمزيد من السرور والابتهاج واتساع الأمل والرجاء فقد أيقنوا أن الامام سيرجع لهم الحريات المنهوبة. ويحطم عنهم أركان العبودية التي أقامها الحكم الأموي المهدوم ، ويعيد لهم عهد النبوة الزاهر الذي انبسطت فيه الرحمة ، وعم فيه العدل والرجاء ، وانهم سينعمون ـ من دون شك ـ في ظل حكمه العادل الذي لا يعرف الإثرة والاستغلال ، ولا يميز قوما على آخرين لقد وثق الجمهور أن الامام سيحقق لهم الأهداف النبيلة التي يصبون إليها من تحقيق العدل الاجتماعي والعدل السياسي في البلاد ، وتطبيق المبادئ والنظم التي جاء بها الاسلام ، والقضاء على جميع الفوارق والامتيازات التي خلفها عثمان ، وقد هبوا بجميع طبقاتهم إلى الامام وهم يهتفون باسمه ، ويعلنون رغبتهم الملحة فى أن يلي أمورهم ليحملهم على الحق الواضح والمحجة البيضاء ، ونضع بين يدي القراء صورة مجملة عن البيعة وعن الأحداث التي رافقتها وهي :
واجتمع المهاجرون والأنصار ومعهم الثوار وبقية الجماهير ومن بينهم طلحة والزبير فهرعوا إلى الامام أمير المؤمنين وهو معتزل بداره فأحاطوا به من كل جانب وقالوا له :
« يا أبا الحسن. إن هذا الرجل قد قتل. ولا بد للناس من إمام. ولا نجد اليوم أحدا أحق بهذا الأمر منك ، لا أقدم سابقة ، ولا أقرب قرابة من رسول الله .. ».
فامتنع الامام من أجابتهم وقال لهم :
« لا حاجة لي فى أمركم فمن اخترتم رضيت به .. »
فهتفوا بلسان واحد