لم يلبث ان رق عليه وولاه صدقات كلب ، وبلقين (١) وكيف يؤتمن هذا الخليع الفاسق على صدقات المسلمين وأموالهم؟
إن الامصار الاسلامية التي استجد تأسيس بعضها ، والتي لم يستجد تأسيسها كان يقيم فيها العربي وغيره من النازحين عن أوطانهم لطلب الرزق والعيش ، والاسرى الذين كانوا يقيمون مع الفاتحين وكل اولئك كانوا جديدى عهد بالاسلام فكانوا ينتظرون من خليفة المسلمين وولي أمرهم ان يستعمل عليهم رجالا اترعت نفوسهم بالتقوى والصلاح ، وتوفرت فيهم النزعات الخيرة ليكونوا قدوة لهم وهداة قبل ان يكونوا حكاما وامراء ولكن عثمان آثر في الحكم بنى أميّة وآل أبي معيط وهم لا يمثلون إلا الترف والدعارة والبطالة والفراغ والتهالك على اللذة والمجون.
وبعد ان اقترف الوليد تلك الجريمة النكراء اقصاه عثمان عن امارة الكوفة على كره منه ، وكان من المتوقع ان يسند الحكم الى أحد اعلام الصحابة من الذين أبلوا فى الاسلام بلاء حسنا ، ولكنه عمد الى سعيد ابن العاص فولاه هذا المصر العظيم ، وقد استقبله الكوفيون بالكراهية وعدم الرضا لأنه كان شابا مترفا (٢) لا يتحرج من الاثم ولا يتورع من الإفك روى ابن سعد أنه قال مرة في فطر رمضان ـ بعد أن ولي المصر ـ من رأى منكم الهلال؟ فقال إليه هاشم بن عتبة الصحابي العظيم « انا رأيته »
فوجه إليه لاذع القول وأقساه قائلا :
« بعينك هذه العوراء رأيته؟! »
__________________
(١) تأريخ اليعقوبي ٢ / ١٤٢
(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ٢١ ، تاريخ ابن عساكر ٦ / ١٣٥