وصلحائهم فانا لله وإنا إليه راجعون.
ولاقى عمر ربه ، ومضى الى مقره الأخير (١) فاحاط البوليس بأعضاء الشورى ، وألزمهم بالاجتماع لينفذوا وصية عمر ، ويختاروا للمسلمين حاكما منهم ، فاجتمع المرشحون في بيت المال ، وقيل في بيت مسرور بن محرمة وأشرف على الانتخاب الامام الحسن عليهالسلام وعبد الله بن عباس ، وازدلف عمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة الى محل الانتخاب فجلسا في الباب ، فعرف قصدهما سعد بن أبي وقاص فنهرهما وقال :
« تريدان ان تقولا : حضرنا ، وكنا في أهل الشورى؟! »
وتداول الاعضاء الحديث فيما بينهم عمن هو أحق بالامر وأولى به وأكثرهم قدرة وقابلية على ادارة شئون الحكم ، وانبرى إليهم أمير المؤمنين عليهالسلام فأقام عليهم الحجة ، وحذرهم مغبة ما يحدث في البلاد من الفتن ان استجابوا لنزعاتهم ولم يؤثروا الحق فقال عليهالسلام :
« لم يسرع أحد قبلي الى دعوة حق ، وصلة رحم ، وعائدة كرم فاسمعوا قولي ، وعوا منطقى ، عسى أن تروا هذا الامر من بعد هذا اليوم
__________________
(١) توفى عمر يوم الاربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ، وكانت ولايته عشر سنين وستة اشهر ، واربع ليال وهو ابن ثلاث وستين سنة جاء ذلك في مروج الذهب ٢ / ١٩٨ وكان قبل الاسلام من الفقر والبؤس بمكان ، يقول عمرو بن العاص : « والله لقد رايت عمر واباه على كل واحد منهما عباءة قطوانية ، لا تجاوز مأبض ركبتيه ، وعلى رقبته حزمة حطب » ذكر ذلك ابن ابي الحديد في شرح النهج ١ / ١٧٥