كان الامام أمير المؤمنين متهيأ لغزو الشام حيث اعلن معاوية التمرد على حكومته ورفض بيعته وبينما هو جاد في تدبير الأمر إذ فاجأه الخبر عن هياج أهل مكة للطلب بدم عثمان بتحريض طلحة والزبير وعائشة واتباعهم من الامويين ، فاشفق من انشقاق العصا واختلاف شمل المسلمين ، ورأى أن خطرهم أقوى من خطر معاوية ، وشرهم أقوى من شره ، وإذا لم يبادر لاخماد هذه الفتنة فانها يوشك أن تتسع ، ويكثر التمرد والاختلاف فتجهز للشخوص إليهم ، وخفت لنصرته البقية الصالحة من المهاجرين والانصار وخرجوا مسرعين ليلحقوا بهم قبل أن يدخلوا مصرا من الامصار فيفسدوه فلما بلغوا الربذة علموا بسبقهم إلى البصرة وبالحوادث التي جرت فيها فاقام الامام بالربذة أياما يحكم أمره ، وارسل إلى جماهير أهل الكوفة يستنجد بهم ويدعوهم الى نصرته والقيام معه لاخماد نار الفتنة ، وأوفد للقياهم محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر (١) وزودهما برسالة جاء فيها
« إني اخترتكم على الامصار ، وفزعت إليكم لما حدث فكونوا لدين
__________________
(١) محمد بن جعفر بن ابي طالب الهاشمي : هو اول من سمى محمدا في الاسلام من المهاجرين ، قيل انه ولد بأرض الحبشة ، وتزوج بام كلثوم بنت الامام امير المؤمنين ، قيل انه استشهد بتستر ، وقيل انه قتل بصفين اعترك هو وعبيد الله ابن عمر فقتل كل منهما الآخر ، الاصابة ٣ / ٣٧٢ وجاء في اسد الغابة ٤ / ٣١٣ لما جاء نعى جعفر إلى رسول الله جاء إلى بيت جعفر ، وقال : اخرجوا لي أولاد اخي جعفر ، فاخرج إليه عبد الله ومحمد وعون فوضعهم على فخذه ودعا لهم ، وقال : انا وليهم فى الدنيا والآخرة ، ثم قال : اما محمد فيشبه عمنا ابا طالب.