يذكره التأريخ بصراحة ، والذي يستقيم عندي في هذا الأمر ان الحزبية بلغ من نفوذها مبلغا عظيما حتى عدت إلى زوجات النبي فكانت أم سلمة من حزب المحافظين « أي حزب علي » وعائشة من حزب طلحة والزبير كما ذكرت فى « مقدمة الحلقة الاولى » وكانتا كذلك في عهد النبي فقد كانت أم سلمة زعيمة طائفة من نسائه ، وعائشة زعيمة طائفة أخرى ، ولا ريب في أن هذه الحزبية ولدت في نفسيهما حزازة تأريخية اتصلت بمسلكيهما العام .. » (١)
هذه بعض البواعث التي حفزتها على الخروج على حكومة الامام وقد فتحت بذلك باب التمرد والعصيان ، ومهدت السيل للقوى المنحرفة عن الحق أن تتكتل وتجتمع على حرب ابن أبي طالب فتغرق البلاد في المآسي والدموع ، وتجر للأمة الويلات والخطوب.
واعلنت عائشة العصيان والخروج على الحكم القائم في خطابها الذي القته بمكة فقد جاء فيه :
« أيها الناس .. إن الغوغاء من أهل الأمصار ، وأهل المياه ، وعبيد أهل المدينة اجتمعوا إن عاب الغوغاء على هذا المقتول بالأمس الأرب (٢) واستعمال من حدث سنه ، وقد استعمل أسنانهم قبله ومواضع من الحمى حماها لهم ، وهي أمور قد سبق بها لا يصلح غيرها ، فتابعهم
__________________
(١) الحلقة الثانية من سيرة الحسين ص ٢٦٧
(٢) الأرب : الخداع والحيلة