ولما اخفقت جميع الوسائل التي اتخذها الامام من أجل السلم تهيأ للحرب بعد ما علم أن خصمه قد زحف الى صفين لمناجزته ، وقد استدعى المهاجرين والانصار الذين خفوا لنجدته فقال لهم :
« إنكم ميامين الرأي ، مراجيح الحلم ، مقاويل بالحق ، مباركو الفعل والامر ، وقد أردنا المسير الى عدونا فاشيروا علينا برأيكم؟ »
فانطلق هاشم بن عتبة فقال له :
« يا أمير المؤمنين فأنا بالقوم جد خبير ، هم لك ولأشياعك أعداء وهم لمن يطلب حرث الدنيا اولياء ، وهم مقاتلوك ومجاهدوك (١) لا يبقون جهدا ، مشاحة على الدنيا ، وضنا بما في أيديهم منها وليس لهم إربة غيرها إلا ما يخدعون به الجهال من الطلب بدم عثمان بن عفان ، كذبوا ليسوا بدمه يثأرون ، ولكن الدنيا يطلبون فسر بنا إليهم ، فان اجابوا الى الحق فليس بعد الحق إلا الضلال. وإن أبوا الا الشقاق فذلك الظن بهم والله ما أراهم يبايعون وفيهم أحد ممن يطاع إذا نهى ويسمع إذا أمر .. » (٢)
إن هاشما كان خبيرا بنفوس القوم ، وعالما باتجاههم وميولهم فانهم يطلبون حرث الدنيا ، وهم يقاتلون الامام من اجل مطامعهم ، وقد تذرعوا بدم عثمان واتخذوه وسيلة لعصيانهم ، ولا يتركون نفاقهم وغيهم ما دام لهم شاخص يتمتع بالنفوذ والقوة ، فلا بد من مناجزتهم والزحف إليهم للقضاء على غيهم وتمردهم وانبرى غير واحد من اعلام المهاجرين والانصار
__________________
(١) وفي رواية ومجادلوك
(٢) وقعة صفين : ص ١٠٣