وتركيزهم في البلاد ، فقاموا بدورهم باستغلال المسلمين ، والتلاعب بمقدراتهم والتحكم في مصيرهم ، كما منح الاموال الطائلة الى الوجوه والاعيان الذين يخاف جانبهم ، ويحذر سطوتهم نظرا لنفوذهم السياسي فى البلاد ، وقد أدى ذلك الى تضخم الثراء وتكدس الاموال عند طائفة من الناس حاروا في صرفها وفي انفاقها ، ومن الطبيعي أن ذلك يؤدي الى نشر الفاقة وذيوع الفقر والبؤس بين الناس الامر الذي يتنافى مع اتجاه الاسلام الذي يحرص كل الحرص على اسعاد المجتمع ، ونشر الرفاهية ، وبسط السعة بين الناس ونسوق بعض البوادر للاستدلال بها على ما ذكرناه :
ومنح عثمان أموال المسلمين الى اسرته ، وذوي قرباه الذين تنكروا للإسلام ، وقابلوه ، وناجزوه الحرب ، فأوصلهم وبرّ بهم ، وحملهم على رقاب الناس ، ووهبهم الثراء العريض يتمتعون فيه ، ويبالغون في البذخ والاسراف ، والى القراء بعض اولئك الذين أغدق عليهم بهباته :
ووهب عثمان الى أبي سفيان مائتى الف من بيت المال (١) أعطاه هذه المنحة وهو رأس المشركين يوم أحد ، ويوم الاحزاب ، وفي طليعة الحاقدين على الاسلام ، والناقمين منه ، وما دخل الدين في قلبه ، ولا انتزعت روح الجاهلية من نفسه ، وهو الذي انطلق الى قبر حمزة فركله برجله ، وقال : « يا أبا عمارة! .. إن الامر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا يتلعبون به. » ثم مضى مثلوج القلب ، ودخل على عثمان بعد أن فقد بصره فقال :
__________________
(١) شرح النهج ١ / ٦٧