كيف تركت أمانتك ضائعة؟! فكيف بأمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فاستخلف عليهم .. »
فنظر إليه نظرة ريبة فقال له :
« إن استخلف عليهم فقد استخلف أبو بكر ، وإن أتركهم فقد تركهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .. » (١)
وأقام عبد الله في حديثه برهانا تدعمه الفطرة على ضرورة نصب الوصي ، وتعيين ولى العهد ، وان من أهمله يستحق اللوم والتقريع ، وهو أمر واضح لا مجال للشك فيه ، والعجب من عمر وهو في ساعاته الأخيرة كيف يقول إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك امته ولم يستخلف عليها أحدا من بعده!! وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم الحريص على امته الذي يعز عليه عنتها واختلافها ، وانشقاقها وقد لاقى في سبيل هدايتها أعظم العناء وأشقه ، ولعل ( الوجع ) قد غلب على عمر فنسي النصوص المتضافرة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمير المؤمنين عليهالسلام وأنه ولى عهده وخليفته من بعده ، وتناسى بيعته له يوم غدير خم ، وقوله له : « بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة » ولكن إنا لله ، وإنا إليه راجعون.
ولما يئس عمر من الحياة ، وأيقن بنزول الأجل المحتوم أخذ يطيل التفكير ، ويمعن النظر فيمن يتولى شئون الحكم من بعده ، وتذكر أقطاب حزبه الذين شاركوه في تمهيد الأمر الى أبي بكر ، وصرفه عن أهل بيت
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ٢١٢