ولما فرغ الامام امير المؤمنين من وصاياه اخذ يعاني آلام الموت وشدته ، وهو يتلو آى الذكر الحكيم ويكثر من الدعاء والاستغفار ، ولما دنا منه الأجل المحتوم كان آخر ما نطق به قوله تعالى ( لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ ) ثم فاضت روحه الزكية الى جنة المأوى وسمت الى الرفيق الاعلى (١) وارتفع ذلك اللطف الإلهي الى مصدره فهو النور الذي خلقه الله ليبدد به غياهب الظلمات.
لقد مادت اركان العدل وانطمست معالم الدين ، ومات عون الضعفاء وأخو الغرباء وأبو الايتام.
سيدى : أبا الحسن لقد مضيت الى عالم الخلود وأنت مكدود مجهود مجهول حقك وقدرك ، فقد قضيت حياتك في ذلك الجيل القاتم الذي لا يقيم وزنا للعلم ولا للعدل ، ولا يعي ما تنشده من الأهداف الرامية الى بناء مجتمع تسوده العدالة والرفاهية والخير ، ولو كان للانسانية حظ لثنيت لك الوسادة وتسلمت قيادة الامة لتفيض على العالم بمعارفك وعلومك فانا لله وإنا إليه راجعون.
__________________
(١) اختلف المؤرخون فى الليلة التي ضربه فيها ابن ملجم فقيل : ليلة الثامن عشر من رمضان. ذهب الى ذلك المسعودي في مروج الذهب ، وقيل ليلة السابع عشر ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب. وذهب مؤرخو الشيعة ان ذلك كان في الليلة التاسعة عشرة ، واما عمره الشريف فقيل اربع وستون وقيل ثلاث وستون وقيل غير ذلك ، ومدة خلافته اربع سنين وتسعة اشهر وستة ايام ، وعمر الحسن في ذلك الوقت سبع وثلاثون سنة. جاء ذلك في كشف الغمة ص ١٥٤