جيش معاوية وكاد اصحاب معاوية يبلغون فسطاطه وهمّ معاوية بالفرار لو لا أن ذكر قول ابن الاطنابة :
أبت لى عفتي
وحياء نفسي |
|
وإقدامي على
البطل المشيح |
وإعطائي على
المكروه مالي |
|
واخذى الحمد
بالثمن الربيح |
وقولى كلما جشأت
وجاشت |
|
مكانك تحمدى أو
تستريحي |
فرده ذلك الشعر الى الصبر والثبات كما كان يتحدث بذلك ايام العافية.
ولما رأى الصحابي العظيم عمار بن ياسر الرءوس تتساقط ، والارض قد صبغت بالدماء أخذ يناجى نفسه قائلا :
« صدق رسول الله (ص) هؤلاء القاسطون ، إنه اليوم الذي وعدني فيه رسول الله ، إني قد أربيت على التسعين فما ذا انتظر؟! رحماك ربي قد اشتقت الى إخواني الذين سبقوني بالايمان إليك .. سأمشي الى لقاء ربي مجاهدا أعداءه بين يدي وليه ووصيي رسوله وخليفته من بعده ، فاني أراه اليوم الذي وعدني به رسول الله (ص) ... »
وأطال النظر في رايات معاوية فانطلق يقول : « إن مراكزنا على مراكز رايات رسول الله يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين ، وإن هؤلاء على مراكز رايات المشركين من الاحزاب .. » (١)
وتمثلت أمامه في ذلك اليوم صفحات من تأريخه البعيد والقريب ، فعرضت له صورة أبويه ياسر وسمية وهما يعذبان أعنف التعذيب وأمره
__________________
(١) شرح ابن ابى الحديد ١ / ٥٠٦