وللامام أمير المؤمنين وصايا تربوية لولده الحسن حافلة بالقيم العليا والمثل الانسانية الكريمة ، وأهمها وصيته الخالدة التي كتبها بحاضرين (١) حال انصرافه من صفين ، وقد حفلت بالدروس القيمة ، والآداب الاجتماعية ، وحقا أن ترسم على صفحات القلوب ، وأن يجعلها المسلمون دستورا لهم في سلوكهم الفردي والاجتماعي ، ونسوق الى القراء بعضا من فصولها :
« من الوالد الفان المقر للزمان (٢) المدبر العمر ، المستسلم للدهر ، الذام للدنيا ، الساكن مساكن الموتى ، والظاعن عنها غدا ، إلى المولود المؤمل ما لا يدرك (٣) السالك سبيل من قد هلك غرض الاسقام ، ورهينة الايام ، ورمية المصائب (٤) وعبد الدنيا ، وتاجر الغرور ، وغريم المنايا. وأسير الموت ، وحليف الهموم ، وقرين الأحزان ونصب الآفات (٥) وصريع الشهوات ، وخليفة الاموات ... ».
لقد اعرب عليهالسلام بهذه الكلمات الذهبية عن استسلامه للدهر وإدباره عن الدنيا فقد كان عمره الشريف حين كتابته لهذه الوصية ينيف
__________________
(١) حاضرين : احدى نواحي صفين.
(٢) المقر للزمان ـ اي ـ المعترف له بالشدائد والمصاعب.
(٣) المؤمل ما لا يدرك : يؤمل البقاء والخلود فى الدنيا وذلك لا يدركه أحد.
(٤) رمية : هدف المصائب.
(٥) النصب : ـ بالضم ـ الذي لا تفارقه الآفات.