لقد كان امير المؤمنين عليهالسلام مرجعا للفتيا في حياة أبي بكر وعمر ومفزعا للمسلمين إن حلت يناديهم مشكلة ، وقد اتفقت الكلمة انه اعلم الصحابة بشئون الدين واحكام الشرع.
وظل أبو بكر متقمصا للخلافة زمنا يسيرا يدير شئون الامة ، ويتصرف في أمورها ، قد اعتمد على عمر وأسند إليه مهام الدولة ، ولما مرض مرضه الذي توفي فيه وثقل حاله ادلى بالامر من بعده إليه وقد انكر عليه طلحة هذا الاختيار فقال له :
« ما ذا تقول لربك ، وقد وليت علينا فظا غليظا؟ تفرق منه النفوس وتنفض منه القلوب » (١)
فسكت أبو بكر ، واندفع طلحة قائلا :
« يا خليفة رسول الله ، إنا كنا لا نحتمل شراسته وأنت حي تأخذ على يديه ، فكيف يكون حالنا معه ، وأنت ميت وهو الخليفة .. » (٢)
ولم ينفرد طلحة بهذا الانكار بل شاركه جمهور المهاجرين والانصار فقد بادروا الى أبي بكر وقالوا له :
« نراك استخلفت علينا عمر ، وقد عرفته ، وعلمت بوائقه فينا ، وأنت بين أظهرنا ، فكيف اذا وليت عنا ، وأنت لاق الله عز وجل فسائلك ، فما أنت قائل؟ .. »
فاجابهم أبو بكر بصوت خافض
__________________
(١) شرح النهج لابن ابي الحديد ١ / ٥٥
(٢) شرح النهج ٦ / ٣٤٣ ط دار احياء الكتب العربية