ورفع مستوى القيم الرفيعة فانه (ص) لم يجد في بنات المسلمين ونسائهم من تضارع ابنته في كمالها وعفافها وطهارة ذيلها فقد تجسمت فيها جميع المثل الخيرة من العلم والعبادة والتقوى وغير ذلك من الصفات التي عز وجود بعضها في بنات حواء.
ولما أشرفت كريمة الرسول (ص) على ميعة الشباب تشرفت مشيخة الصحابة بمقابلة الرسول (ص) وعرضوا عليه رغبتهم في التشرف بمصاهرته فقد جاء أبو بكر خاطبا فرده (ص) وقال له : « أنتظر بها القضاء » وأعقبه عمر فرده بمثل ما رد به صاحبه (١) ، ولما علم المسلمون أن أمر الزهراء بيد الله تعالى وليس للنبي (ص) أن يبت فيه ، وجموا عن مذاكرته في ذلك ، ومضت فترة من الزمن اجتمع في خلالها نفر من الصحابة بعلي فذكروا له قربه من الرسول (ص) وشدة بلائه في الاسلام ومناصرته للنبي في جميع المواقف والمشاهد ، وحفزوه على خطبة كريمته ليفوز بمصاهرته ويحوز الى شرف جهاده شرف المصاهرة ، فسار (ع) بين احجام واقدام يمشي في خطو متمهل وئيد حتى دخل على النبي (ص) وقد أخذه صمت رهيب (٢) فالتفت (ص) إليه مستفسرا :
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٨ / ١١ ، تأريخ الخميس ١ / ٤٠٧ ذخائر العقبى ص ٢٩
(٢) علل بعض الحاقدين على امير المؤمنين ذلك الصمت انه كان يخاف من النبي (ص) ان يرده لفقره ، وهو تعليل موهوم فان النبي (ص) لا يعني من المسلم الا فضائله وتقواه ولم يعر اي اهتمام للثراء وتضخم الاموال ، ولقد آخى بينه وبين علي مع علمه بفقره ، فقد جاء فى مستدرك الحاكم ٣ / ١٤ وفي الاستيعاب ٣ / ٣٥ ما نصه : ان رسول الله (ص) لما آخى بين اصحابه جاءه علي (ع) فقال : آخيت