وذكر المترجمون للإمام صورا كثيرة من ألوان بره ومعروفه على الفقراء وقيامه بانقاذهم من كابوس الحاجة والفقر الى الدعة والسعة فى العيش ، وجميع تلك المبرات التي أسداها عليهم كانت خالصة لوجه الله ، ولم تكن مشفوعة بأي غرض من الاغراض فإنه كان يمنحهم العطاء والبر قبل أن يبوحوا بحاجاتهم ، ويذكروا مديحهم وثناءهم لئلا يظهر عليهم ذل السؤال والاحتياج.
ان الانسان كلما ازداد معرفة بالله ازداد إيمانا به ، وحبا له ، وانقيادا لأوامره وطاعته ، وسعيا في جميع الوسائل التي تقربه إليه.
والامام الحسن قد تغذى بلباب المعرفة ، وبجوهر الايمان ، وبواقع الدين وانطبعت مثله في دخائل نفسه واعماق ذاته ، فكان من اشد الناس إيمانا ، ومن اكثرهم اخلاصا وطاعة لله ، وقد حدث الرواة عن مدى طاعته فقالوا : إنه لم ير في وقت من الاوقات إلا وهو يلهج بذكر الله ، (١) وانه اذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم (٢) فسأل الله الجنة وتعوذ من النار ، واذا ذكر الموت وما يعقبه من البعث والنشور بكى بكاء الخائفين والمنيبين (٣) واذا ذكر العرض على الله شهق شهقة يغشى عليه منها (٤) ، وكان من اشد المعتبرين بالموت فاذا حضر جنازة
__________________
(١) أمالي الصدوق صفحة ١٠٨
(٢) السليم : من لسعه العقرب
(٣) اعيان الشيعة ٤ / ١١
(٤) أمالي الصدوق : صفحة ١٠٨