في جميع المواقف والمشاهد ، واهتمام النبي بشأنه ، وتقديمه على غيره ، وانه جلدة ما بين عينيه ـ على حد تعبيره ـ كل ذلك لم يلحظه فاعتدى عليه ، ونقم منه لأنه أمره بالعدل ، ودعاه الى الحق الواضح ، والى الاعتدال في سياسته.
الى هنا ينتهي بنا الحديث عن تنكيله باعلام الصحابة من الذين سبقوا الى الاسلام ، وجاهدوا اعظم الجهاد في سبيله ، وهم ـ من دون شك ـ لم يكونوا مدفوعين بدافع الرغبة في الحكم أو الامرة على بعض الامصار والاقاليم الاسلامية ، او الظفر بالمال ، كل ذلك لم يدفعهم الى الصيحة عليه ، وإنما رأوا أنه احدث من الاعمال ما ليست في كتاب الله ، ولا في سنة نبيه ، رأوا حقا يطفأ ، وباطلا يحيى ، وصادقا يكذب ، وأثرة بغير تقى ـ كما يقول أبو ذر ـ من اجل ذلك اعلنوا نقمتهم وانكارهم عليه ، وطالبوه بأن يسلك الجادة الواضحة ، ويسير على الطريق القويم ، ويتبع هدي النبي ويقتفى اثره.
وافترى بعض المؤرخين على الامام الحسن فزعم أنه كان عثماني الهوى وانه يكن له في دخائل نفسه أعمق الحب ومزيد الولاء والاخلاص ، وقد حزن عليه بعد مقتله حزنا بالغا ، وقد ذهب الى ذلك الدكتور طه حسين قال ما نصه :
« ولم يفارق الحسن حزنه على عثمان ، فكان عثمانيا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة ، إلا انه لم يسل سيفا للثأر بعثمان لأنه لم ير ذلك حقا له ، وربما غلا في عثمانيته حتى قال لأبيه ذات يوم ما لا يحب