فقد روى الرواة أن عليا مر بابنه الحسن وهو يتوضأ فقال له : اسبغ الوضوء فاجابه الحسن بهذه الكلمة المرة : « لقد قتلتم بالأمس رجلا كان يسبغ الوضوء » فلم يزد علي على ان قال : لقد اطال الله حزنك على عثمان. » (١)
إن السياسة التي انتهجها عثمان ، والاحداث الجسام التي صدرت منه لم تترك له أي حميم أو صديق في البلاد فقد سخط عليه عموم المسلمين ، وخافوه على دينهم ، فكانت عائشة تخرج ثوب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله لم يبل ، وعثمان قد أبلى سنته ، ونقم عليه حتى طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف ، وغيرهم ممن اغدق عليهم بالنعم والاموال ، ولم يعد له أي صديق أو مدافع عنه سوى بني أمية وآل ابي معيط ، وبعد هذه الكراهية الشاملة فى نفوس المسلمين لعثمان كيف يكون الامام الحسن ـ الذي يحمل هدي جده الرسول ـ عثمانيا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة ـ كما يقول طه حسين ـ لقد كان الحسن من جملة الناقمين على عثمان والناكرين عليه لأنه رأى ما لاقاه أصحاب أبيه كأبي ذر وعمار ، وابن مسعود من الاضطهاد والارهاق ، وشاهد ما لاقاه أبوه بالذات من الاستهانة بحقه ، والاعتداء عليه حينما خرج لتوديع ابي ذر وبعد هذا كيف يكون الحسن عثمانيا ، او مغاليا في حبه له؟!!
وأي مظهر من مظاهر الكآبة والحزن بدت من الامام الحسن على عثمان بعد مقتله ، أفي قيامه بالدور البطولي في بعث الجماهير ، واخراجها الى ساحة الحرب في موقعة الجمل التي اثيرت للطلب بدم عثمان ، وقد كان معه في كثير من تلك المواقف عمار بن ياسر ، وكان ينال من عثمان
__________________
(١) الفتنة الكبرى ٢ / ١٩٣ ـ ١٩٤