ولما بلغ حكيم بن جبلة ما ارتكبه القوم بعثمان بن حنيف من التنكيل وما قاموا به من قتل الشرطة وخزان بيت المال خرج في ثلاثمائة رجل من عبد القيس (١) فخرج القوم وحملوا عائشة على جمل ، فسمى ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر ويومها مع امير المؤمنين يوم الجمل الأكبر ، وتجالد الفريقان بالسيوف ، وأبلى حكيم مع أصحابه المؤمنين بلاء حسنا ، وشد عليه رجل من الأزد من عسكر عائشة فضرب رجله فقطعها ، وجثا حكيم فأخذ رجله المقطوعة فضرب بها الأزدي الذي قطعها فقتله ولم يزل يقاتل ورجله مقطوعة وهو يقول :
يا ساق لن تراعى |
|
ان معى ذراعي |
أحمي بها كراعي |
وما زال على مثل هذه الحالة التي ضرب بها الرقم القياسي في البطولة والشجاعة ونكران الذات والدفاع عن المبدأ والعقيدة حتى نزف دمه ، فانطلق إلى الرجل الذي قطع رجله فاتكأ عليه وهو قتيل فاجتاز عليه شخص فقال له : من فعل بك هذا؟ فقال : وسادتي ثم قتله سحيم الحداني (٢) وقتل معه اخوة له ثلاثة كما قتل جميع أصحابه (٣) ففى ذمة الله تلك الدماء الزكية التي أريقت ، والنفوس الكريمة التي أزهقت فى سبيل الذب عن دين الله ، والدفاع عن وصي رسول الله.
__________________
(١) وفى رواية خرج مع سبعمائة من اصحابه.
(٢) اسد الغابة ٢ / ٤٠.
(٣) شرح النهج ٢ / ٥١.