فلم يخف لنصرته ، ولم يستجب له ولم يسعفه بشيء ، ولو كان يروم المطالبة بدمه لكان اولى الناس بالعقوبة والتنكيل مستشاره ووزيره عمرو بن العاص فهو الذي سعر الدنيا نارا على عثمان وكان يقول : « والله لالفى الراعى فاحرضه على عثمان فضلا عن الرؤساء والوجوه » (١) فمطالبته بدم عثمان ليست الا وسيلة لتحقيق غايته والظفر بالملك الذي يحلم به.
هذه بعض الاسباب والبواعث التي دعت معاوية لمناجزة الامام واعلانه للحرب عليه.
ولما اعلن معاوية تمرده على حكومة الامام طلب أصحاب الامام أن ينهض بهم لحربه بعد فراغهم من حرب الجمل وكأنهم أرادوا أن يحوزوا لنصرهم نصرا فابى الامام لأن خطته كانت المسالمة وايثار العافية فرأى أن يبعث إليه السفراء يدعونه الى الطاعة والدخول فيما دخل فيه الناس فاوفد للقياه جرير بن عيد الله البجلى (٢)
__________________
(١) شرح النهج ١ / ١٦٣
(٢) جرير بن عبد الله البجلي اختلف فى وقت اسلامه قيل انه اسلم حينما بعث النبي وقيل ان اسلامه كان قبل وفاة النبي باربعين يوما ، وقيل غير ذلك ، وكان جميل الصورة قال فيه عمر : هو يوسف هذه الامة ، وقدمه فى حروب العراق على جميع بجيلة وكان لهم الاثر فى فتح القادسية وقد سكن الكوفة ولما ارسله الامام سفيرا الى معاوية اخفق فى سفارته فاعتزل الفريقين وآثر العافية فسكن فى قرقيسيا حتى توفى بها سنة احدى وخمسين وقيل اربع وخمسين ، الاصابة ١ / ٢٣٢